وفي كلام الشيخ عبد الوهاب الشعراني أن إسراآته صلى الله عليه وسلم كانت أربعا وثلاثين، واحد بجسمه صلى الله عليه وسلم والباقي بروحه، وتلك الليلة: أي التي كانت بجسمه صلى الله عليه وسلم كانت ليلة سبع عشرة، وقيل سبع وعشرين خلت من شهر ربيع الأول، وقيل ليلة تسع وعشرين خلت من رمضان أي وقيل سبع وعشرين خلت من ربيع الآخر، وقيل من رجب واختار هذا الأخير الحافظ عبد الغني المقدسي وعليه عمل الناس، وقيل في شوّال، وقيل في ذي الحجة.
وفي كلام الشيخ عبد الوهاب ما يفيد أن إسراآته صلى الله عليه وسلم كلها كانت في تلك الليلة التي وقع فيها هذا الخلاف فليتأمل، وذلك قبل الهجرة قيل بسنة وبه جزم ابن حزم، وادعى فيه الإجماع، وقيل بسنتين؛ وقيل بثلاث سنين، وكل من الإسراء والمعراج كان بعد خروجه صلى الله عليه وسلم للطائف كما دل عليه السياق، وعن ابن إسحاق أن ذلك كان قبل خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وفيه نظر ظاهر.
واختلف في اليوم الذي يسفر عن ليلتهما، قيل الجمعة، وقيل السبت. وقال ابن دحية: يكون يوم الاثنين إن شاء الله تعالى ليوافق المولد والمبعث والهجرة والوفاة: أي لأنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، ومات يوم الاثنين فليتأمل.
عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله تعالى عنها: أي واسمها على الأشهر فاختة، وسيأتي في فتح مكة أنها أسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها هبيرة إلى نجران ومات بها على كفره، قالت:«دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلس: أي في الظلام بعيد الفجر وأنا على فراشي، فقال: أشعرت: أي علمت أني نمت الليلة في المسجد الحرام أي عند البيت أو في الحجر» وهو المراد بالحطيم الذي وقع في بعض الروايات، وفي رواية «فرج سقف بيتي» .
قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون السر في ذلك أي في انفراج السقف التمهيد لما يقع من شق صدره صلى الله عليه وسلم، فكأنّ الملك أراه بانفراج السقف والتئامه في الحال كيفية ما سيصنع به، لطفا به وتثبيتا له صلى الله عليه وسلم: أي زيادة تمهيد وتثبيت له، وإلا فشق صدره صلى الله عليه وسلم تقدم له غير مرة، وفي رواية «أنه صلى الله عليه وسلم نام في بيت أم هانئ، قالت:
فقدته من الليل فامتنع مني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش» .
أي وحكى ابن سعد «أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد تلك الليلة، فتفرقت بنو عبد المطلب يلتمسونه، ووصل العباس إلى ذي طوى، وجعل يصرخ يا محمد، فأجابه لبيك لبيك، فقال: يا بن أخي عنيت قومك فأين كنت؟ قال: ذهبت إلى بيت المقدس قال: من ليلتك؟ قال نعم، قال: هل أصابك إلا خير؟ قال: ما أصابني إلا خير» ولعله صلى الله عليه وسلم نزل عن البراق في ذلك المحل.