للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتح أمغيشيا ١:

كانت أمغيشيا مصرًا كبيرًا كالحيرة، لم تحدث فيها معركة، ولم يقع فيها قتال، إنما كانت فيئًا بغير قتال، ذلك أن خالدًا أتى البلدة بعد أن فرغ من أليس، وقد غادرها سكانها متفرقين في السواد لعدم توفر المقاتلين، وإمكانات الصمود، فدخلها المسملون، واستولوا على ما فيها من أموال، وأثاث وخيول، وذلك في "٢٨ صفر ١٢ هـ/ ١٤ أيار ٦٣٣م"٢.

فتح الحيرة:

كانت الحيرة تحت حكم المرزبان آزاذيه، الذي كان يراقب تحركات المسلمين، فأدرك أن الحيرة هي هدفهم التالي بعد أمغيشيا، وتجهز للتصدي لهم، إلا أنه لم يتخذ التدابير العسكرية الضرورية للانتصار عليهم، واقتصرت خطته القتالية على عرقلة تقدمهم، فسد مجرى الفرات، وفتح مجاري الأنهار التي ترفده حتى يمنع جريان الماء فيه، ويحول دون عبورهم، لكن خالدًا نجح في إعادة المياء إلى مجاريها جريان الماء فيه، ويحول دون عبورهم، لكن خالدًا نجح في إعادة المياه إلى مجاريها بعد أن انتصر على القوة التي تحمي السد، بقيادة ابن المرزبان، وفجره، ونقل جيشه عبر الماء نحو الحيرة على السفن التي كان قد غنمها من الفرس، ولما علم المرزبان بهذه التطورات السلبية، انسحب مع جنوده إلى ما وراء نهر الفرات، إذ لم يكن هناك من ينجده بعد موت أردشير، وانهماك أركان الحكم في المدائن في اختيار خلف له، تاركًا إقليم الحيرة يواجه مصيره، ويدافع عنه أهله من العرب.

وضرب المسلمون الحصار على الحيرة، وقد تحصن أهلها بحصونهم، ورفضوا ما عرضه عليهم خالد من الدخول في الإسلام، أو الاستسلام ودفع الجزية، وأصروا على المقاومة، وبعد مناوشات عسكرية خارج أسوار الحصون، تمكن المسلمون من اقتحامها، واضطر المقاومون إلى استسلام، وجرت مفاوضات بين الجانبين، وافق بنتيجتها نقباء الحيرة على دفع الجزية، وجرى تحرير معاهدة الصلح في شهر "ربيع الأول ١٢هـ/ حزيران ٦٣٣م"٣.

ذيول فتح الحيرة:

تعد الحيرة أول عاصمة إقليمية فارسية يفتحها المسلمون، وهي حاضرة متقدمة


١ أمغيشيا: موضع بالعراق ينتهي إليها فرات بادقلي، وكانت أليس من مسالحها، الحموي: ج١ ص٢٥٤.
٢ الطبري: ج٣ ص٣٥٨، ٣٥٩.
٣ المصدر نفسه: ص٣٥٩- ٣٦٤، وقارن بالبلاذري: ص٢٤٤.

<<  <   >  >>