للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعربية بقيادة مهران بن بهرام جوبين وعقة بن أبي عقة، فخرج من الأنبار متوجهًا إليه، ولما علم من بداخل الحصن بقدوم المسلمين قرروا بعد مشاورات بينهم أن يتفرد العرب بخوض المعركة على أساس أنها ستجري مع طرف عربي، وأنهم أعلم بأساليب العرب القتالية، فخرجت القوة العربية بقيادة عقة من الحصن، وعسكرت على طريق الكرخ بانتظار وصول القوات الإسلامية في حين بقيت القوة الفارسية داخل الحصن.

ووصل المسلمون إلى المكان، وعقة يعبئ قواته، فقرر خالد مباغتته منفردًا، فاندفع نحوه واحتضنه وأسره، فأثر ذلك على معنويات قواته، فولوا الأدبار لا يلوون على شيء، ولما رأى مهران ما حل بعقة، وجنوده خشي على نفسه، فغادر الحصن هاربًا مع أتباعه، وتوجه نحو الشمال، واقتحم المسلمون الحصن واستسلم من به، وقتل خالد عقة، وقد حدث ذلك في "١١ رجب ١٢هـ/ ٢١ أيلول ٦٣٣م"١.

فتح دومة الجندل:

تعد دومة الجندل موقعًا حصينًا بين المدينة ودمشق، ولها أهمية تجارية وعسكرية تحث المسلمين على فتحها.

ففي ما يتعلق بأهميتها التجارية، فهي بحكم موقعها الجغرافي عند ملتقى الطرق مع المدينة، والكوفة ودمشق، تستطيع أن تتحكم بسير القوافل التجارية.

وفي ما يتعلق بأهميتها العسكرية، فهي موقع حصين على الطرف الجنوبي لبلاد الشام المحاذي لمناطق الحدود الشمالية للجزيرة العربية، في الوقت الذي كان فيه للمسلمين وجود عسكري في العراق، وبلاد الشام، يتطلب حماية جنوبية قبل توغل جيوشهم في عمق بلاد الشام بخاصة، كان عياض بن غنم في طريقه إلى دومة الجندل، ولما وصل إليها واجه تكتلًا قبليًا من بهراء، وتنوخ وغسان، وكلب والضجاعم، فطلب مددًا من الخليفة، فأمده بالوليد بن عقبة الذي جاء من العراق موفدًا من قبل خالد، وضرب المسلمون الحصار على الحصن، وتمكنت قوة عربية من الحلفاء الخروج من الحصن، وحاصرت المسلمين من الخلف، فوقع هؤلاء بين فكي الكماشة، وتخرج موقفهم، فعقدوا مجلسًا للمشورة، وتقرر الاستعانة بخالد، فطلبوا منه القدوم لمساعدتهم، فاستجاب لنداء الاستغاثة.

وصل خالد إلى دومة الجندل في غضون عشرة أيام، فتسلم إمرة الجيش


ـ
١ الطبري: ج٣ ص٣٧٦، ٣٧٧.

<<  <   >  >>