للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- نية أبي بكر بمد سلطانه على القبائل العربية التي كان بعضها يعيش في مناطق التخوم الشامية مع الجزيرة العربية، أو في القرى المنتشرة بين الحجاز والشام, وينسجم هذا التوجه مع الهدف الأساسي للفتوح ألا وهو نشر الإسلام بين العرب أولًا، وسواهم من الأمم بعد ذلك.

ويذكر في هذا المقام أن سكان بلاد الشام كانوا على نوعين من الناحية القومية، عربًا وغير عرب، أما العرب فهم بدو القبائل الرحل، وأنصاف الرحل الذين استقروا في القرى، والسواد المتاخمة للجزيرة العربية، وهؤلاء هم الذين أشار إليهم أبو بكر، وأما غير العرب، وأعني بهم سكان المدن، فقد كانوا يتكلمون خليطًا من اللغات، وإن توزع بعض العرب بينهم.

خرج الجيش الثالث إلى وجهته في "٧ شعبان/ ١٧ تشرين الأول"١، وصادف أثناء زحفه قوة للعدو في بلدة مآب، فقاتلها وهزمها، وسيطر على الجابية، ورابط فيها استعدادًا للزحف نحو حمص.

الجيش الرابع:

كان الجيش الرابع بقيادة عمرو بن العاص، وهدفه فلسطين، ويتراوح عديده بين ستة وسبعة آلاف مقاتل، على أن يسلك طريق ساحل البحر الأحمر حتى العقبة، فوادي القرى فالبحر الميت وصولًا بيت المقدس، وأعطاه توجيهات دينية وسيساية، وعكسرية تعد نموذجًا في التفكير لرجل الدولة: "لا تسلك الطريق الذي سار عليه يزيد، وشرحبيل بن حسنة، بل طريق إيلياء٢ حتى تصل إلى فلسطين، ابعث العيون ليأتوك بالأخبار عن أبي عبيدة لمساعدته إذا كان يريد ذلك، وإلا فأنت لقتال فلسطين، قدم الفرسان لأبي عبيدة، والجيش إثر الجيش، إذا طلب منك ذلك، أكرم من معك ولا تتعال عليهم وانصحهم، شاور أولي الأمر ... اعمل على حراسة القوات وحمايتها، أوصيك بالمعاملة الحسنة لمن معك"٣، واستعمله على القبائل العربية الضارية على طريقه، وهي بلي وعذرة وسائر قضاعة، ومن سقط هناك من العرب، وأمره بندبهم إلى الجهاد.

خرج الجيش الرابع من المدينة في "٣ محرم ١٣هـ/ ١٠ آذار ٦٣٤م"٤، واصطدم أثناء تقدمه بقوات بيزنطية منتشرة في المنطقة، فهزمها وفتح جانبًا من فلسطين الشرقية والجنوبية، ثم توجه إلى بيت المقدس.


١ كمال: ص١٨٦.
٢ إيلياء: اسم مدينة بيت المقدس.
٣ الواقدي: ج١ ص١٥، ١٦.
٤ كمال: ص٢٢١.

<<  <   >  >>