للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتح تكريت:

احتشدت جموع من البيزنطيين من أهل الموصل بقيادة الأنطاق، وانضمت إليهم بعض قبائل العرب المتنصرة، مثل إياد وتغلب، والنمر والشهارجة، وعسكروا في تكريت على نهر دجلة شمالي المدائن، وتحصنوا بها، وحفروا حولها خندقًا واستعدوا لصد هجوم إسلامي مرتقب١، والواضح أن المسلمين تطلعوا إلى فتح شمالي العراق بعد أن سيطروا على جنوبه ووسطه.

أرسل سعد إلى عمر يخبره بأمر هذه الحشود، فجاءت تعليماته بأن يرسل فرقة عسكرية بقيادة عبد الله بن المعتم، ويجعل على مقدمته ربعيًا بن الأفكل العنزي، وعلى ميمنته الحارث بن حسان الذهلي، وعلى ميسرته فراتًا بن حسان العجلي وعلى ساقته هانئًا بن قيس، وعلى الخيل عرفجة بن هرثمة، فإن هزموا عدوهم يسرح عبد الله بن المعتم، وابن الأفكل إلى الحصنين٢.

نفذ سعد تعليمات عمر، فأرسل هؤلاء النفر في خمسة آلاف مقاتل، فخرجوا من المدائن، ووصلوا إلى تكريت بعد أربعة أيام، وضربوا عليها حصارًا مركزًا استمر مدة أربعين يومًا، تخلله مناوشات متبادلة، ولجأ عبد الله بن المعتم إلى السياسة لإضعاف قوة خصمه، فاستقطب العرب المتنصرة، ودعاهم إلى الدخول في الإسلام، وحدث ما شجع هؤلاء على قبول الدعوة، وذلك أن البيزنطيين الذين نفذوا عدة عمليات عسكرية ضد المسلمين، خسروها جميعًا، فتخاذلوا وراحوا ينسحبون من المدينة، عندئذ قبل العرب دعوة عبد الله مقابل الأمان، وطلب منهم القائد المسلم أن يهاجموا البيزنطيين من ناحيتهم عندما يسمعون صيحات التكبير، في محاولة لاختيبار صدقهم، وجرى قتال بين الطرفين الإسلامي، والبيزنطي أمام الخندق، ووفت القبائل العربية بوعدها، فهاجمت البيزنطيين من الخلف، وفوجئ هؤلاء بالهجوم يشن عليهم من أمامهم ومن خلفهم، فأسقط في أيديهم، ولم ينج أحد منهم غير أولئك الذين أسلموا. وسقطت تكريت بيد المسلمين في "جمادى الأول ١٦هـ/ حزيران ٦٣٧م"٣.

فتح نينوى والموصل:

وعملًا بتعليمات عمر، أرسل عبد الله بن المعتم ربعيًا بن الأفكل العنوي إلى نينوى، والموصل على رأس أربعة آلاف مقاتل، بالإضافة إلى من انضم إليه من العرب الذين أسلموا حديثًا٤.


١ الطبري: ج٤ ص٣٥.
٢ المصدر نفسه: ص٣٥، ٣٦.
٣ المصدر نفسه: ص٣٦.
٤ المصدر نفسه.

<<  <   >  >>