للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندما علم يزدجرد، وأهل فارس بقرار الخليفة بألا يتعدى المسلمون العراق، ظنوا بأن هؤلاء أمسكوا عن تعقبهم خوفًا ورهبة، فطمعوا في استرداد ما فقدوه، ولم يزل يزدجرد يثير الفرس من قاعدته في مرو حتى تحركت قوة عسكرية ضخزة نحو تستر عاصمة الأهواز بقيادة الهرمزان، فأرسل سعد فرقة عسكرية من الكوفة إلى الأهواز بقيادة النعمان بن مقرن المزني، بناء على تعليمات عمر، كما كتب "عمر" إلى أبي موسى الأشعري عامله على البصرة بأن يرسل قوة عسكرية من جند البصرة بقيادة سهل بن عدي١.

كان سكان الأهواز قد أشعلوا الثورة ضد الوجود الإسلامي بفعل قرب بلادهم من الأبلة والبصرة، وقد أثارهم التغيير السريع للولاة في البصرة، وقد أملوا أن تندلع الاضطرابات الداخلية بين المسلمين، مما يساعدهم على طردهم من المنطقة.

سلك النعمان طريق السواد، وعبر دجلة عند ميسان وتابع زحفه إلى الأهواز، فاجتاز نهر تيري، ومناذر وسوق الأهواز، ثم اصطدم بالقوة الفارسية بقيادة الهرمزان بن رامهرمز في أربك٢، وتغلب عليها، وانسحب الهرمزان إلى تستر وأخلى رامهرمز، فدخلها النعمان، ثم أتم فتح الأهواز بعد أن انضم إليه الجند الذين قدموا من البصرة بقيادة سهل بن عدي، كما انضم أبو موسى الأشعري إلى الجيش الإسلامي بعد ذلك، وحاصر المسلمون تستر، وقد تحصن بها الهرمزان، دام الحصار بضعة أشهر تخلله مناوشات بين الطرفين كانت سجالًا قبل أن يقتحم المسلمون المدينة بمساعدة أحد سكانها، وأسر الهرمزان، وأرسل إلى عمر في المدينة، فأعلن إسلامه أمامه٣.

فتح السوس ٤:

أحاط المسلمون بالسوس، وعليها شهريار أخو الهرمزان، وجرت بين الطرفين عدة مناوشات.

وعلم المسلمون أثناء الحصار بأن الفرس يحشدون قوات كثيفة في نهاوند، فرأوا أن يسيطروا على السوس قبل الزحف نحوها، فشنوا هجومًا مركزًا على المدينة واخترقوا تحصيناتها، فاستسلم سكانها وطلبوا الأمان٥.


١ الطبري ج٤ ص٨٣.
٢ أربك: بلد وناحية من نواحي الأهواز ذات قرى ومزارع، الحموي: ج١ ص١٣٧.
٣ الطبري: ج٤ ص٨٤-٨٩.
٤ السوس: بلدة بخوزستان "الأهواز"، الحموي: ج٣ ص٢٨٠، ٢٨١.
٥ الطبري: ج٤ ص٨٩-٩٣.

<<  <   >  >>