للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، وعلى أن من سب مسلمًا بلغ جهده، ومن ضربه حل دمه"١.

نلاحظ في كتاب الصلح هذا ظاهرة ملفتة، فلأول مرة ممنذ فتح جرجان بدأ المسملون يستعينون بأصحاب البلالد المفتوحة الذين ما زالوا على وثنيتهم، ولعل مرد ذلك يعود إلى سببين:

الأول: إن حركة الفتوح قد امتدت، وتشعبت مع قلة عدد الفاتحين أمام كثرة أعدائهم، لقد كان جيش سويد بن مقرن اثني عشر ألفًا منذ خرج بهم من نهاوند، ففتح همذان والري، ثم فصل قسمًا من جيشه، وأرسله إلى أذربيجان بقيادة سماك بن خرشة، مددًا لبكير بن عبد الله، فنقص عدد قواته عما كان عليه بما لا يقل عن ألفين، ومع ذلك فإنه فتح قومس وجرجان، وهو مقدم على فتح المزيد مما وراء طبرستان، فكان عليه في هذه الحالة أن يستعين بالقوى المحلية ما دام ذلك ممكنًا مقابل إغراءات مادية، وهي الإعفاء من الجزية.

الثاني: إن تعاون بعض الفرس مع المسلمين من شأنه أن يدمر البنية التحتية للمجتمع الفارسي؛ لأنه يقسم الفرس إلى قسمين متناحرين، وإن إسقاط الجزية عن المتعاملين مع المسلمين من شأنه أن يشجع غيرهم على التهافت على هذا التعاون للتخلص من الجزية، ومن ثم يفتح الباب واسعًا لنشر الإسلام في المجتمع الفارسي في ظروف أكثر ملاءمة٢.

يضاف إلى ذلك، أنه لأول مرة أضيفت إلى عهدة الصلح فقرة تتعلق بسب المسلم وضربه، وجزاء ذلك حل دمه، ويبدو أن سكان هذه المناطق كانوا يشتمون المسملين بسبب فتحهم لبلادهم، فلجأ سويد إلى هذا البند الجزائي حتى يردعهم.

فتح طبرستان:

بلغت أنباء انتصار المسملين، ودخولهم قومس وجرجان، مسامع فرخان حاكم خراسان، وكانت طبرستان داخلة في حكمه، فآثر السلامة، وصالح سويدًا٣.

فتح أذربيجان:

تقع أذربيجان إلى الغرب من طبرستان وتجاورها، ويتاخم جنوبها بلاد العراق


١ تاريخ الرسل والملوك: ج٤ ص١٥٢.
٢ كمال: ص٢٤٧، ٢٤٨.
٣ الطبري: ج٤ ص١٥٣.

<<  <   >  >>