للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمكنت قوة إسلامية من دخول المدينة بمساعدة الزينبي في الوقت الذي شن فيه الجيش الرئيسي هجومًا ليليًا عنيفًا، فانهزم القوم وكثر القتل فيهم، وخرب نعيم مدينة الري، وبنى على أنقاضها مدينة حديثة، وعين عليها الزينبي، وكتب لسكان الري، كتاب معاهدة، استتب الأمر للمسلمين في إقليم الري، ودخل مردانشاه مصمغان حاكم دنباوند في عهدة الصلح، وفتحت الري في عام "٢٢هـ/ ٦٤٣م"١.

فتح قومس:

كان نصر المسلمين بالري حاسمًا، لذلك أسرعت حاميات المدن، والأقاليم المجاورة في الدخول في ذمة المسلمين لقاء الأمان وتأدية الجزية، فلما سار سويد بن مقرن إلى قومس، بأمر عمر، لم يتصد له أحد، ودخلها سلمًا بلا حرب، ولا مقاومة٢، وبفتح الري وقومس، ودنباوند لم يبق بين المسلمين، وشواطئ بحر قزوين من أرض فارس غير جرجان، وطبرستان وأذربيجان.

فتح جرجان:

عسكر سويد بعد صلح قومس ببسطام٣، وكاتب ملك جرجان، وهو رزبان صول، يدعوه إلى الدخول في طاعة المسلمين، وهدده بالمسير إليه، فاستجاب لنداء الصلح، أقام سويد في جرجان حتى جبى خراجها، ووضع على مداخلها من يحرسها من أتراك دهستان٤.

بعد صلح جرجان نقطة تحول في مسار التعامل مع القوى المحلية، ونظرًا لأهميته نورد نصوصه كما ذكره الطبري:

"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من سويد بن مقرن لرزبان صول بن رزبان، وأهل دهستان وسائر أهل جرجان؛ إن لكم الذمة، وعلينا المنعة، على أن عليكم من الجزاء في كل سنة على قدر طاقتكم، على كل حالم، ومن استعنًا به منكم، فله جزاؤه في معونته عوضًا من جزائه، ولهم الأمان على أنفسهم، وأموالهم ومللهم، وشرائعهم ولا يغير شيء من ذلك هو إليهم ما أدوا وأرشدوا ابن السبيل، ونصحوا وقروا المسلمين، ولم يبد منهم سل ولا غل، ومن أقام فيهم فله مثل ما لهم، ومن خرج


١ الطبري: ج٤ ص١٥٠، ١٥١.
٢ المصدر نفسه: ص١٥١، ١٥٢.
٣ بسطام: بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق إلى نيسابور بعد دامغان بمرحلتين، الحموي: ج١ ص٤٢١.
٤ الطبري: ج٤ ص١٥٢، ١٥٣.

<<  <   >  >>