للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعد سقوط هراة خطوة أولى على طريق سقوط خراسان كلها، فأرسل الأحنف فرقة عسكرية بقيادة مطرف بن عبد الله بن الشخير لفتح نيسابور١، وفرقة أخرى لفتح سرخس٢ بقيادة الحارث بن حسان السدوسي، وسار بنفسه باتجاه مرو الشاهجان، حيث يقيم يزدجرد لله، فلما اقترب منها غادرها الملك الفارسي إلى مرو الروذ، واستقر الأحنف مكانه في مرو الشاهجان٣.

والواضح أن المسلمين جردوا يزدجرد من كل أرضه، واضطروه على الفرار حتى آخر حدود مملكته، ولم يبق أمامه سوى الالتجاء إلى جيرانه، وطلب مساعدتهم, وفعلًا، فقد كتب إلى ثلاثة ملوك يستمدهم، ويستنجد بهم وهم خاقان الترك، وملك الصغد٤ وملك الصين، لكن الأحنف لم يمهله، وهاجمه في مرو الروذ بعد أن تلقى إمدادات من الكوفة، ومرة أخرى، يفر يزدجرد، إلى بلخ٥، ودخل الأحنف مرو الروذ، وأرسل وحدات عسكرية في إثره، لم لحق بها، فحاضر المدينة وفتحها٦.

كان طبيعيًا أن يتابع يزدجرد فراره من أمام المسلمين، ولما لم يكن له في أرض مملكته مكان يفر إليه ويحتمي به، عبر نهر جيحون إلى خاقان الترك الذي توافقت مصلحته مع مصلحة العاهل الفارسي، وقد خشي من الامتداد الإسلامي باتجاه بلاده، وتعاون الرجلان في مقاومة فاشلة حيث جندا جيشًا، وهاجما المسلمين في خراسان، وانتهى الأمر بانسحاب خاقان الترك إلى بلاده مقتنعًا بما تناهى إلى أسماعه من أن المسلمين لن يعبروا النهر، على تعليمات عمر٧.

أما يزدجرد فقد نزل ضيفًا على حاكم مرو، ماهويه، الذي لم يكن يتمنى غير التخلص من ضيفه الذي رفض أن يزوجه ابنته، وتحالف مع نيزك طرخان التابع لبيغو حاكم طخارستان٨، فأرسل نيزك جماعة لأسره، فاشتبكوا معه وهزموه، فمضى هاربًا حتى انتهى إلى بيت طحان على شاطئ نهر المرغاب، فمكث ليلتين


١ نيسابور: مدينة عظيمة مشهورة في خراسان، الحموي: ج٥ ص٣٣١.
٢ سرخس: مدينة قديمة من نواحي خراسان بين نيسابور ومرو، المصدر نفسه: ج٣ ص٢٠٨.
٣ الطبري: ج٤ ص١٦٧.
٤ الصغد: كورة، قصبتها سمرقند، وتعد من بلاد ما وراء النهر، الحموي: ج٣ ص٤٠٩.
٥ بلخ: مدينة مشهورة بخراسان، المصدر نفسه: ج١ ص٤٧٩، ٤٨٠.
٦ الطبري: ج٤ ص١٦٧، ١٦٨.
٧ المصدر نفسه: ص١٦٨-١٧١.
٨ طخارستان: ولاية واسعة كبيرة تشتمل على عدة بلاد، وهي من نواحي خراسان، الحموي: ج٤ ص٢٣.

<<  <   >  >>