للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على رأس خمسة آلاف مقاتل، لم يجد فيها الجيش البيزنطي، وأخبر بأن أفراده توجهوا إلى الأردن، فأغار على نواحي المدينة، وعاد إلى أبي عبيدة أمام دمشق فأخبره الخبر، وتشاور معه في الأمر، فتقرر أن يسير أبو عبيدة بجموع المسلمين إلى فحل -بيسان لضرب القوة البيزنطية المتمركزة هناك، وأن يتقدم خالد الجيش كطليعة، على أن يبقى يزيد بن أبي سفيان حول دمشق١.

وتوافد المسلمون إلى فحل -بيسان، وانحاز إليهم بعض العرب المتنصرة من لخم وجذام وغسان، وعاملة والقين وقضاعة، بعد أن أدركوا أن كفة الصراع بدأت تميل لصالح المسلمين، وتردد نصارى فحل، والواقع أن القبائل المتنصرة كانت تغير مواقفها من المسلمين كلما جمع البيزنطيون حشدًا جديدًا، وكانت أكثر القبائل التي كانت لها مصلحة بالارتباط بالبيزنطيين هم الغساسنة، ويبدو أن انتصار المسلمين في معركة أجنادين قد جعل القبائل المتنصرة تفكر جديًا في الانحياز إلى أحد الجانبين، فكان أن انقسمت في هذه المعركة إلى قسمين:

الأول: سارع بالانحياز إلى المسلمين.

الثاني: انتظر ما ينجلي عليه الموقف، وربما غير موقفه بعد أن وصلت إمدادات بيزنطية إلى فحل.

وحشد البيزنطيون زهاء ثمانين ألفًا بقيادة سقلار بن مخراق، ودمروا سدود الأنهار الغربية لعرقلة تقدم المسلمين، وخشية من أن يفاجئوهم، فامتلأت الأرض بالماء من بيسان إلى فحل٢.

وعلى الرغم من ذلك، فقد تقدم المسلمون نحو البيزنطيين، ونفذوا غارات خاطفة، وسريعة على القرى والرساتيق، والزروع في وادي الأردن، ومرج ابن عامر وراء بيسان، ووادي نهر الجالود، فقطعوا بذلك مصادر التموين، والمدد عنهم، ويبدو أن عرب الأردن تضايقوا، وأرادوا أن يحموا أنفسهم، فاجتمع زعيمهم ابن الجعيد بأبي عبيدة، وصالحه على سواد الأردن٣.

وحاول البيزنطيون التفاهم مع المسلمين لتفادي وقوع اشتباك بينهم، فعرض القائد البيزنطي التناول عن إقليم البلقاء، وتلك المنطقة من الأردن التي تتصل بالجزيرة العربية، مقابل انسحاب المسلمين، فرفض المسلمون هذا الاقتراح، لم


١ الطبري: ج٣ ص٤٣٤.
٢ المصدر نفسه: ص٤٣٤، ٤٣٨، ٤٤٨، ابن الأثير: ج٢ ص٢٧٠.
٣ كمال: ص٣١٨.

<<  <   >  >>