مهمة في سياستهم التوسعية بعد وصولهم إلى أطرافها، وذلك من أجل حماية مكتسباتهم المنجزة، ومنع وقوع هجمات قد تنطلق منها، ومن جهة أخرى، لم يكن بوسع بيزنطية أن تفرط بهذه البلاد بعد أن خسرت ممتلكاتها في الجنوب، وذلك لعدة أسباب لعل أهمها:
- إن أرمينية غنية بمواردها المعدنية، والأخشاب والقوة البشرية التي تغذي الإمبراطورية.
- جعلت الفتوح الإسلامية، الأرمن، أكثر أهمية للبيزنطيين عن ذي قبل.
- تسيطر أرمينية على بعض الطرق التجارية الرئيسة التي تربط القسطنطينية بالتجارة الشرقية، ويمكن إدراك هذه الأهمية التجارية بالنسبة لبيزنطية بعد خسارتها بلاد الشام، وإقليم الجزيرة.
- كان الأرمن حلفاء طبيعيين لهرقل ولأسرته، وقد منحهم دورا مهمًا في حملاته ضد المسلمين.
- لقد جمعت البيزنطيين والأرمن مصلحة سياسية مشتركة، وهي الدفاع عن مواقع عسكرية "استراتيجية" في أطراف شمالي بلاد الشام، بالإضافة إلى إقليم الجزيرة، وهو المجال الحيوي لأرمينية، هذا على الرغم من الاختلاف الديني بين الكنيستين البيزنطية، والأرمينية الذي أثر بشكل، أو بآخر على العلاقات بين الطرفين.
ومهما يكن من أمر، فقد أطل المسلمون على الربوع الأرمينية بعد أن دان لهم إقليم الجزيرة الفراتية، وحفلت خلافة عمر بن الخطاب بحملتين كبيرتين قام بهما المسلمون ضد بلاد الأرمن، لفتحها.
قاد الحملة الأولى عياض بن غنم بن عامي "١٩-٢٠هـ/ ٦٤٠-٦٤١م"، فدخل أرمينية من الجنوب الغربي حتى بلغ بدليس، وأغار على مقاطعتي جولتين الواقعة في منطقة جولقا التابعة لولاية سيونيك، وناختشيفان، فعبر نهر الرس عند مخاضة جولقا، ومر بالأرتاز عند قاسبوراكان، ووصل إلى كوجوفيت حيث كان يعسكر القائدان البيزنطي، بروكوبيوس والأرميني تيودور الرشتوني الذي برز في خدمة الدولة البيزنطية، فاصطدم بهما كل على حدة، مستغلًا اختلافهما حول كيفية التصدي له، فكمن تيودور الرشتوني للمسلمين بالقرب من مضيق ساراتكين، غير أنه تعرض للهزيمة، وانسحب إلى مدينة جارني على الرغم من أنه سلبهم بعض الغنائم، ولما حاول بروكوبيوس بدوره مهاجمتهم تعرض لهزيمة قاسية١.