للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى موقع القنطرة اليوم، ومن ثم توجه غربًا إلى القصاصين -الصالحية- ثم انحرف جنوبًا، فاجتاز وادي الطميلات حتى بلغ بلبيس، وقد اختار هذا الطريق لخلوه من المستنقعات، ولم يلق في طريق الطويل هذا مقاومة تذكر لا من جانب السكان، ولا من جانب البيزنطيين، ولم يكن "يدافع إلا بالأمر الخفيف"١.

ضرب عمرو الحصار على المدينة، وقاتل حاميتها شهرًا٢، وكان المقوقس قد أرسل في غضون ذلك قوة عسكرية للاستطلاع، ولكنها لم تحاول إلا مناوشة المسلمين في تقال خفيف، إلا أنه فشل في مهمته وخسر المعركة وتمزق جيشه، فقتل منه نحو ألف جندي، وأسر نحو ثلاثة آلاف أسير، وخسر المسلمون بعض الجند، ودخلوا على إثر ذلك مدينة بلبيس٣.

فتح أم دنين ٤:

سار عمرو من بلبيس متاخمًا للصحراء، فمر بمدينة هليوبوليس -عين شمس- ثم هبط إلى قرية على النيل اسمها دنين، وتقع إلى الشمال من حصن نابليون، وعسكر قريبًا منها.

اشتهرت أم دنين بحصانتها، وكان يجاورها مرفأ على النيل فيه سفن كثيرة، وما كان المقوقس ليرضى بأن تقع في أيدي المسلمين، وأدرك أخيرًا خطأ ما اتخذه من قرار الإحجام، والتصدي للمسلمين باكرًا حتى وصل خطرهم إلى قلب مصر، فغادر الإسكندرية إلى حصن بابليون ليدير العمليات العسكرية، ويشرف عليها، وحشد جيشًا استعدادًا للقتال.

وجرت بين الجيش الإسلامي، وحامية المدينة بعض المناوشات على مدى عدة أسابيع لم تسفر عن نتيجة حاسمة لأي منهما، إنما بدأ المسلمون يشعرون بتناقص عددهم بمن كان يقتل منهم في الوقت الذي لم يتأثر البيزنطيون كثيرًا بفقدان بعض جندهم، فاضطر عمرو أن يرسل إلى الخليفة يستحثه في إرسال إمدادات على وجه السرعة، فوعده بذلك.


١ ابن عبد الحكم: ص١٣٥.
٢ المصدر نفسه: ص١٣٦.
٣ المقريزي: ج١ ص٣٤٠.
٤ أم دنين: موضع بمصر، إنها قرية كانت بين القاهرة والنيل اختلطت بمنازل ربض القاهرة، وهي المقس على الضفة الغربية للخليج، وعلى نهر النيل وكانت ميناء مصر وقت الفتح، والمعروف أن المقس كان في الموضع الذي فيه اليوم حديفة الأزبكية، وهو أحد أحياء القاهرة، انظر: الحموي: ج١ ص٢٥١. المقريزي: ج١ ص١٣٥.

<<  <   >  >>