للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجلس الشورى للاستئناس برأي أعضائه، ومن ثم يتخذ الخليفة القرار المناسب١.

روى أبو يوسف أنه "لما قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيش العراق من قبل سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، شاور أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في تدوين الدواوين، وكان قد اتبع رأي أبي بكر في التسوية بين الناس، فلما جاء فتح العراق شاور الناس في التفضيل، ورأي أنه الرأي، فأشار بذلك عليه من رآه"٢.

٣- مجلس المهاجرين:

ووجد في عهد عمر مجلس آخر مخصص لمناقشة الشئون الإدارية، والمتطلبات اليومية الخاصة الناتجة عن الفتوح، ولا يشترك فيه إلا المهاجرين من الصحابة. إنه مجلس خاص كان عمر يعرض فيه الأخبار اليومية التي كانت تصل إليه من الأقاليم والمراكز، وقد عرضت على هذا المجلس مسألة فرض الجزية على المجوس٣.

والواقع أن دولة لها ذلك الاتساع وتلك الطاقات، من الصعوبة أن تدار من قهبل شخص واحد مهما كان نشيطًا، وملمًا بمرافق الحياة، وعلى الرغم من أن مفهوم عمر لنظام الحكم المستمد من النظرية الدينية، وعدم السماح بنشوء مراكز قوى داخلية؛ فإن هذا الخليفة كان يميل إلى مناقشة القضايا الهامة مع كبار الصحابة، وقد اختار بعضهم ليكونوا لصيقين به حاضرين أمامه، وجاهزين كلما احتاج إليهم للمناقشة.

تلك كانت صورة النظام السياسي في عهد عمر، حيث تمتع هذا الخليفة بنفوذ رئيسي نابع من خصوصية مركزه الجامع لكافة الوظائف الدينية، والدنيوية التي فرضها القرآن الكريم، ولما كان الخليفة هو صاحب الرأي الأخير، والقول الفصل في كل أمر؛ فقد كان عليه لقاء ذلك على التبعية عن سياسة الدولة.


١ البلاذري: ص٤٣٥، ٤٣٦.
٢ كتاب الخراج: ص٢٤.
٣ المصدر نفسه: ص١٣٠.

<<  <   >  >>