للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقهي لا تأخذ بعدها الشمولي لدى جميع القبائل؛ لأن بعضها كانت تحركه دوافع سياسية، أو اقتصادية لم تصب مطلقًا جوهر العقيدة١.

وإذا تجاوزنا عدم التمييز الذي تعتمده المصادر، فإن حركة الردة بعامة تمثل الجانب الديني والسياسي، والاجتماعي والاقتصادي من ردود الفعل التي أحدثها فورًا موت النبي، وعليه يمكن تصنيف المرتدين، والمنتفضين على حكم المدينة إلى أربع فئات:

الأولى: هي التي اعترضت على نتائج السقيفة مع احتفاظها بإيمانها، وصلتها بالعقيدة الإسلامية، غير أنها وعت بعد استتباب الأمر لأبي بكر، ولم ترتد عن الإسلام.

الثانية: هي التي ارتدت عن الإسلام، ووضع زعماؤها التيجان على رؤوسهم٢.

الثالثة: هي التي رفضت دفع الزكاة إلى أبي بكر بوصفها نوعًا من التبعية، والتقييد لحرية، واستقلال هذه القبائل.

الرابعة: هي التي تبعت المتنبئين حتى اعتقد بعض الزعماء القبليين أن ادعاء النبوة وسيلة للوصول إلى الحكم، مدفوعين بعامل العصبية القبلية.

انتشرت حركة الردة جغرافيًا مع معظم أنحاء الجزيرة العربية، وامتدت من البحرين، وعمان على طول ساحل الخليج العربي، ومن الشرق إلى الجنوب الشرقي، ومن هناك إلى حضرموت٣، واليمن في الجنوب، ثم من هناك إلى اليمامة٤، أي أن هذه الحركة شكلت شبه نصف دائرة أحاطت بالقسم الأكبر من الجزيرة العربية.


١ بيضون: ص٢٥، ٢٦.
٢ كان النعمان بن المنذر بن ساوى التميمي في البحرين قد وضع التاج على رأسه، وكذلك فعل لقيط بن مالك ذو التاج بعمان، انظر اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب: تاريخ اليعقوبي ج٢ ص١٣- ١٧.
٣ حضرموت: ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر، الحموي: ج٢ ص٢٧٠.
٤ اليمامة: معدودة من نجد وقاعدتها حجر، كانت في الماضي منازل طسم وجديس، المصدر نفسه: ج٥ ص٤٤٢.

<<  <   >  >>