للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنجاح الذي حققه النبي محمد، أدى فيها التطور الإسلامي دور الباعث والمحرك١.

- شجعت ثورة الأسود العنسي قبائل اليمامة، وبني أسد على الاقتداء به إثر وفاة النبي محمد، فقد كان كل من مسيلمة، وطليحة يخشى قوة المسلمين المتنامية، ويرى أنه لا قبل له بمقاومتها، لذلك لم يعلن ثورته مبكرًا، ولما تجرأ الأسود العنسي على إعلان دعوته، ورفع راية العصيان، وحاز من النجاح ما أثار مخاوف المسلمين، اقتدت قبائل اليمامة به، وشجعها على ذلك أن النبي محمد توفي في ذلك الوقت٢.

عبهلة بن كعب: الأسود العنسي:

إن إحدى المهمات الكبرى التي واجهت النبي محمد في السنتين الأخيرتين من حياته، كانت ضرورة محاربة المتنبئين الذين أخذوا بالظهور في أنحاء متفرقة من الجزيرة العربية؛ بحزم شديد وحكمة بالغة، وتذكر المصادر أن المتنبئ، الأول ظهر ودعا إلى نفسه، كان في قببيلة مذحج في اليمن في عام "١٠هـ/ ٦٣١م"، وهو ذو الخمار عيهلة بن كعب المعروف بالأسود العنسي من قبيلة عنس٣.

والواضح أن اليمن لم يكن موحدًا سياسيًا عند ظهور الإسلام، ولم تكن فيه سلطة عليا يتعامل معها النبي، تدلنا على ذلك كتبه التي كتبها إلى عدة أفراد وجماعات، ذكرتها المصادر، وتعدد الوفود التي قدمت إلى المدينة لإعلان اعتناق الإسلام٤.

وكان للفرس نفوذ واسع في حكم اليمن، وهم من بقايا التطورات الأخيرة التي مرت بها هذه البلاد، ولكنهم لم يشكلوا سلطة مركزية، وإنما تمركزوا في صنعاء٥، وفي بعض مناطق اليمن ذات النشاط الاقتصادي كعدن٦، وذمار٧ بينما كان لسادات القبائل من حضر، وبدو سلطاتهم المحلية، وقد شاء بعضهم أن يظهر بمظهر الملوك المنفردين بالحكم والسلطان والجاه، فلقبوا أنفسهم بلقب ملك، وقد نعتت


١ إبراهيم: ص١٠٥، ١٠٦.
٢ هيكل: ص٩٦، ٩٧.
٣ البلاذري، فتوح البلدان ص١١٣، الطبري: ج٣ ص١٤٧- ١٨٥، لقب بذي الخمار؛ لأنه كان يلقي خمارًا رقيقًا على وجهه، ويهمهم فيه.
٤ الطبري: المصدر نفسه ص١١٥- ١٢٥، ١٣٠- ١٤٦.
٥ صنعاء: قصبة اليمن، وأحسن بلادها، الحموي: ج٣ ص٤٢٦.
٦ عدن: مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن، الحموي: ج٤ ص٨٩.
٧ ذمار: اسم قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء، المصدر نفسه: ج٣ ص٧.

<<  <   >  >>