للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الجزيرة العربية التي يريدون مقايضتها، مع فارق قيمة الأرض الزراعية بين المنطقتين.

وقد هدف عثمان إلى تعزيز مواقع المهاجرين، والأنصار في الأمصار حيث كانت الكلمة العليا للقبائل أي للمتأخرين في الإسلام، وطمح في تثبيت أملاك، وتحسين أوضاع أهل الفضل، والقدم والسابقة في الفتوح.

وهكذا جرت حركة واسعة من البيع، والتبادل أدت عمليًا إلى تركيز أراضٍ واسعة في الأمصار في أيدي الأغنياء من القرشيين، وبعض زعماء القبائل الذين كانوا يملكون شيئًا في الجزيرة العربية، أو حتى أولئك الذين كانوا يملكون المال، وتمت هذه الاستفادة على حساب الكثير من العامة من الجمهور القبلي الذي حمل عبء الفتوح بسيوفه١.

والواقع أن قرار عثمان لاقى قبل تنفيذه تأييد الصحابة، وموافقتهم؛ لأنه خفف أعباء إدارة أملاكهم، كما شجع الناس على الإقامة في أمصارهم، وحال دون انتقالهم منها، لذلك فإن أي نتائج سلبية نتيجة تطبيق هذا القرار يجب أن لا توجه إلى الخليفة وحده، ومن جانب آخر إن حجم ممتلكات الصحابة الكبير نما باطراد خلال الأعوام التي سبقت عهد عثمان، ومع ذلك، فإن ما قام به الخليفة أثار نتائج خطيرة، أبرزها أنه خلق فجوات اقتصادية كبيرة في الأمصار بخاصة، وتحديدًا في الكوفة بين المهاجرين القدامى من أله الأيام والقادسية، وبين المهاجرين الجدد "الروادف" مما أدى إلى تنكر القبائل لاحقًا لهذا القرار مشيرة إلى دوافعه وعواقبه، وقد خلق تمييزًا بين وضعية أراضي الخراج، وأراضي الصوافي من الفيء، كما كرهه المستفيدون منه؛ لأنه يخرج الأمور من التباس تمكن الإفادة منه، وكرهه أهل الأيام أيضًا الذين رأوا أن تبادل الأراضي أدى إلى تقلص أراضي الصوافي، واتهموا القرشيين برغبة الاستيلاء على أراضيهم، وكان أحد أسباب تمرد أهل الكوفة على ولاتهم في عام "٣٣هـ/ ٦٥٣- ٦٥٤م"٢.

نذكر من بين الشخصيات التي أثرت، واغتنت نتيجة تطبيق هذا القرار، الزبير بن العوام الذي بنى دارًا له في كل من البصرة، والكوفة والإسكندرية، كما امتلك الدور والضياع٣، والواضح أن هذا الصحابي لم يكن حالة فردية، بل مثل القسم الأكبر


١ إبراهيم: ص٢٤٨.
٢ جعيط: ص٦٥.
٣ المسعودي: ج٤ ص٢٥٣.

<<  <   >  >>