للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سجاح بنت الحارث بن سويد التميمية:

كانت سجاح متنبئة وعرافة، وهي واحدة من طائفة المتنبئين، وزعماء القبائل الذين ظهروا في الجزيرة العربية قبل الردة أو خلالها، ونستدل من نسبها الذي اتضح من تاريخها بأنه صحيح، أنها كانت من بني يربوع أحد بطون تميم، وأمها من بني تغلب في العراق، وهي قبيلة اعتنق معظم أفرادها النصرانية نتيجة احتكاكهم بسكان إقليم الفرات، أقامت سجاح بينهم، وتزوجت فيهم، وتنصرت مع من تنصر منهم١.

تقع منازل بني تميم على مقربة من بني عامر إلى الجنوب، وتجاور المدينة من الشرق، وتمتد نحو الخليج العربي، وتتصل بمصب نهر الفرات من ناحية الشمال. وكانت فروع من القبيلة تتمتع بحقول الرعي في أنحاء تمتد إلى الفرات الأوسط.

ولبني تميم مكانة كبيرة بين قبائل العرب في الجاهلية، وفي عصر النبوة، واشتهر التميميون بالشجاعة، والكرم، ونبغ من بينهم شعراء، وأبطال تلقبوا بلقب الملوك٢.

والواضح أن هذا الامتداد الجغرافي للقبيلة أدى إلى:

- تنقل بطونها بين الجزيرة العربية والعراق، في ميدان واسع يشيع فيه التوتر بين كلا المركزين الكبيرين الحيرة ومكة، لكنهم اتخذوا موقف الحياد في علاقاتهم السياسية مع كليهما، وكان من الواضح أن العلاقات المنظمة، والمنضبطة بين بني تميم، كانت تبلغ الأهمية عند أمراء الحيرة، وبالتالي الفرس من واقع ضمان مرور القوافل التجارية دونما عائق، والمعروف أن تجارة فارس كانت تنطلق من المدائن٣ حتى تصل إلى الحيرة حيث يتولى النعمان بن المنذر حراستها بقوى من بني ربيعة، ثم يتسلمها هوذة بن علي الحنفي، فيسير بها في أرض تهامة إلى أن تبلغ اليمن، وذلك لقاء أجر، وعليه كانت العلاقات جيدة بين الفرس، وبين البطون الضاربة على هذا الطريق التجاري، وحاولت فارس ربطهم بها عن طريق منح يربوع وظيفة الردافة، ومن جهة أخرى، أقامت بطون متفرقة من تميم، علاقات مكثفة مع مكة في العصر الجاهلي من واقع تنظيم الخمس، وعهود الإيلاف، والحصول على السلطة، والتقدم في الأسواق، وفي أداء شعائر الحج، ومنهم من ارتبط في الفضائل العسكرية التي كانت تقدمها القبائل لحراسة مكة.


١الطبري: ج٣ ص٢٧٢.
٢ المصدر نفسه: ص١١٦.
٣ المدائن: عاصمة ملوك بني ساسان الأكاسرة، بناها كسرى أنوشروان بن قباذ، وأقام بها هو ومن أتى بعده من ملوك بني ساسان إلى أيام عمر بن الخطاب، واسم المدائن بالفراسية طيغون، وإنما سمتها العرب المدائن؛ لأنها تتألف من سبع مدن، الحموي: ج٥ ص٧٤، ٧٥.

<<  <   >  >>