للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجديد واستثماره، يضاف إلى ذلك، أنها كانت في نزاع مذهبي مع سكان بلاد الشام.

استغل المسلمون هذه الأوضاع القلقة ليحققوا، بفضل إيمانهم، تلك الانتصارات المذهلة، ولا بد لنا من شرح موجز لأوضاع الدولية الفارسية، وتراجع النفوذ البيزنطي في بلاد الشام، ورصد تأثير ذلك على حركة الفتوح.

كان العراق، الذي غزاه المسلمون بعد حروب الردة، جزءًا من الإمبراطورية الساسانية التي أسسها أردشير بن بابك في عام ٢٢٤م، وبعد أن توسع باتجاه الجنوب وسيطر على كرمان١، والخليج العربي والأهواز٢، وميسان٣، وتغلب على الجيش الأشكاني بقيادة أردوان، آخر الملوك الأشكانيين٤، التفت نحو الشمال، وسيطر على همذان٥ والجبال٦، وأذربيجان٧ وأرمينية٨، والموصل٩ واجتاز السواد١٠، ثم


١ كرمان: إقليم واسع بين فارس ومكران، وسجستان وخراسان، الحموي: ج٤ ص٤٥٤.
٢ الأهواز: هي خوزستان الفارسية، وهي سبع كور بين البصرة وفارس، المصدر نفسه: ج١ ص٢٨٤، ٢٨٥.
٣ ميسان: اسم كورة، واسعة كثيرة القرى، والنخل بين البصرة وواسط، قصبتها ميسان عند مصب نهر دجلة، المصدر نفسه: ج٥ ص٢٤٢، ٢٤٣.
٤ حكمت الدولة الأشكانية مدة مائتين عام، ولا تعني بهم الأساطير الفارسية، بل تعدهم أجانب، لم يتركوا أثرًا في آداب الفرس، ولم يكشف التاريخ عن أصل هذه الدولة أكانت من أصل إيراني أم توراني، وتدل آثار حضارتها على اصطباغها بالصيغة اليونانية، ويذكر بأن الأشكانيين كانوا أعظم ملوك الطوائف الذين نبغوا في فارس بعد الإسكندر المقدوني.
٥ همذان: أكبر مدينة في إقليم الجبال، الحموي: ج٥ ص٤١٠.
٦ الجبال: اسم علم للبلاد المعروفة، باصطلاح العجم، بالعراق، وهي ما بين أصبهان إلى زنجان، وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين، والري وما بين ذلك. المصدر نفسه: ج٢ ص٩٩.
٧ أذربيجان: بلاد واسعة حدها من برذعة شرقًا إلى أرزنجان غربًا، ويتصل حدها الشمالي ببلاد الديلم، والجبل والطرم وقصبتها تبريز، المصدر نفسه: ج١ ص١٢٨.
٨ أرمينية: بلاد واسعة حدها من برذعة إلى باب الأبواب، ومن الجهة الأخرى إلى بلاد الروم وجبل القبق، ومن مدنها نفليس وشروان، المصدر نفسه: ص١٦٠.
٩ الموصل: باب العراق ومفتاح خراسان، وسميت بذلك؛ لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق أو بين دجلة، والفرات أو بين سنجار والحديثة؛ وتقع في شمالي العراق على نهر دجلة، وتقابلها من الجانب الشرقي مدينة نينوى، المصدر نفسه: ج٥ ص٢٢٣.
١٠ السواد: رستاق العراق وضياعها، وسمي بذلك لسواده بالزروع، والنخيل والأشجار؛ لأنه تاخم جزيرة العرب التي لا زرع فيها ولا شجر، فكانوا إذا خرجوا من أرضهم ظهرت لهم خضرة الزروع، والأشجار فسموه سوادًا. وحده من حديثه الموصل طولًا إلى عبادان، ومن العذيب بالقادسية إلى حلوان عرضًا، المصدر نفسه: ج٣ ص٢٧٢.

<<  <   >  >>