دور المدرسة في النمو النفسي:
تلعب المدرسة دورًا بارزًا في النمو النفسي والاجتماعي والمعرفي, ويتضح ذلك في الآتي:
- تأخذ المدرسة على عاتقها حاليًا -في المجتمع الحديث- مهمة تهيئة الصغار تهيئة اجتماعية من خلال نقل الثقافة، فقد بلغت الحال بالمجتمع الحديث أن يتوقع من المدرسة أن تنقل إلى الطفل ثقافة معقدة تعقيدًا شديدًا لا تنطوي فقط على قدر كبير من المعارف المتراكمة والمهارات المعقدة، بل على مجموعة أكبر من القيم والمعايير النظرية المتشابكة التي تشتمل على الأسس الأيديولوجية لتراث المجتمع الثقافي.
فقدرة المجتمع الحديث على الاستمرار لا تتوقَّف على قدرة مواطنيه على القراءة والكتابة, ولكن على إيمانهم بالمبادئ السياسية والدينية والاجتماعية التي تقوم على أساسها نظم المجتمع والإخلاص لها؛ ولذلك ينتظر من المدرسة أن تعلّم الطفل شيئًا ما من مختلف المثُل العليا مثل: الديمقراطية وحكم القانون والمشروع الحر، بل يتعلّم كيف يتصرَّف وفقًا لهذه المبادئ والعادات. "فاروق العدلي: ١٩٨١، ٢٣٩-٢٤٠".
- تلعب المدرسة في المجتمع الحديث دوًا هامًّا في تعليم الاتجاهات، والمفاهيم والمعتقدات المتعلمة بالنظام السياسي؛ حيث تعطي المدرسة الطفل المحتوى والمعلومات والمفاهيم التي من شأنها توسيع وصقل مشاعر الطفل المبكرة المتعلقة بالارتباط بالوطن، كما تضع تأكيد أعظم على الامتثال للقانون والسلطة ولوائح المدرسة، هذا الدور الخاص بتوجيه الطفل نحو النظام الاجتماعي والسياسي القائم, وتعضيد احترامه له, لا شكَّ أنه أحد الطرق التي تعمل فيها المدرسة كمنظمة محافظة للتنشئة الاجتماعية.
- تعلِّم المدرسة الطفل المهارات والمعلومات المتعلقة بالطريقة التي يعمل بها المجتمع, أو التي ينبغي أن يعمل بها, ويؤدي ذلك إلى إعداد الطفل للتصرُّف وفقًا للأدوار التي يقوم بها العضو الراشد في المجتمع, فأهم جزء من عملية التهيئة الاجتماعية يتضمّن التمثل اللا شعوري, واستبطان المعتقدات والقيم, ونماذج سلوك الآخرين الذين يتصل بهم الفرد اتصالًا مباشرًا. فعن طريق توسيع دائرة الطفل يتعلّم إعداد نفسه للقيام بمختلف الأدوار التي يقوم بها الشخص الراشد، كما يعرف ما ينتظر من الأشخاص الذين يشغلون وظائف في مجتمع الكبار.
- كما تعلب المدرسة دورًا أكبر في مساعدة الأطفال على تعلُّم ضبط انفعالاتهم, والتعامل مع مراكز السلطة، وكذلك تولي القيام بها، كما تتضمَّن التهيئة الاجتماعية معرفة الطفل للطريقة التي تُحَلُّ بها المشكلات من كافَّة الأنواع, واكتساب الوسائل الفنية لحل المشكلات كجزء متمِّم للعملية التربوية.
- ولا تلعب المدرسة فحسب هذا الدور المحافظ في عملية التلقين ونقل تراث الماضي، ولكن تشجع المدرسة القدرات الخلاقة لأعضاء المجتمع الجدد، ولذلك تقوم بدور أكبر في الإسهام في الأنشطة الخلاقة من جانب التلاميذ، وعن طريق غرس القيم الاجتماعية التي يجب أن تتمشَّى مع الرغبة في التقدّم القائمة على الإنجاز في العلوم, وفي مجالات المعرفة الأخرى، كما تأخذ على عاتقها مهمة القيام بدور رئيسي في عمليات التجديد والتحديث والتغير.
هذه الوظيفة التجديدية الاستحداثية هامَّة جدًّا لإعداد الأطفال اجتماعيًّا للمعيشة في مجتمع يتعرض للتغير السريع. "هدى قناوي: ١٩٨٣، ٦١-٦٥".