سواء كان المراهق طالبًا جامعيًّا أو دخل مجال العمل، فإن ما نسعى إليه هو التعرُّف على التداخل "التشابك" النفس/ اجتماعي بين قدرات الفرد وحاجاته من جهة, ومطالب المجتمع وجزاءاته من جهة أخرى. فمن المتوقَّع أن يقيم قدراته وميوله، وأن يكشف عن الفرص الاجتماعية، وأن يحدّد اتجاهًا ملتزمًا يتصرَّف بمقتضاه، هذا الالتزام قد يتَّخذ صورًا شتَّى, منها ما هو عائلي "يتعلق بالأعمال المنزلية، وتربية الأطفال" أو مهني "سباك، سمكري، سكرتير"، أو تعليمي "تلمذة صناعية أو تدريب مهني، تخصص جامعي".. إلخ. هذه الصور قد تتداخل وتترابط معًا، ولكن الأهمَّ هو ما ينجزه الفرد، أي: ما يحوله من "طفل" متلقي في مرحلة تفتُّح، إلى "راشد" منتج، وما يصاحب ذلك من سلوكيات وانعكاس ذاتي بما يتمشَّى مع أسلوب الحياة.
وهناك مشكلة تتعلَّق بالمجال المهني كمعيار لتكوّن الهوية، فقد تعمل الظروف الاجتماعية بدرجة شديدة أحيانًا، على تحديد اختيار البدائل التعليمية والمهنية، ففي الظروف الاقتصادية الصعبة يصبح مجرَّد الحصول على وظيفة -كمهنة- "أي مهنة" شيئًا هامًّا، وبالتالي يصبح الاستكشاف والالتزام نوعًا من الرفاهية, وإذا لم يتوفَّر التنوُّع في نطاق المقابلة الشخصية "كالأيديولوجية السياسية في حكومة مستبدة محتكرة مثلًا" تجعل هذه الناحية تفقد معناها كمؤشر على تحقق الهوية, وليس كمؤشر على الهوية بمقوماتها. إن تحقق الهوية أو بناءها يستلزم وجود الاختبار في مجالات الحياة المختلفة، وإذا لم توجد هذه الاختيارات في داخل مجتمع معين، أو إذا كانت ناحية منها ضعيفة، فإن نموذج الهوية السائد في هذا المجتمع يصبح في أحسن الظروف هو إعاقة الهوية، وفي أسوأ الظروف هو تشتت الهوية.
وثَمَّةَ قضية أخرى أثيرت عن المجال المهني -وقد تثار مرة أخرى, وهي: هل احتمال الالتزام الفكري يعوق "يمنع" الالتزام المهني؟ والواقع يشير