جان بياجيه عالم نفس مشهور، اهتمَّ أساسًا بدراسة النمو المعرفي للطفل، ولقد عرض بياجيه نظريته في النمو المعرفي على أساس ملاحظاته للأطفال التي كانت بطريقة غير رسمية, ومع قدر قليل من الضبط التجريبي؛ فقد كان يلاحظ الأطفال غالبًا في مواقف طبيعية: في المنزل، وفي المعمل, وكان يعطي الأطفال الكبار مشكلات بسيطة لكي يحلوها وفقًا لدرجة نموهم, وقد اختار بياجيه هذا المنهج الذي سمي بالمنهج الإكلينيكي لاعتقاده أنه السبيل الوحيد لفهم الأبنية العقلية لدى الطفل, وقدَّم من دراساته نظرية في النمو العقلي كان لها أثرها الكبير في مسار البحوث السيكولوجية وفي الممارسات التربوية على حدٍّ سواء.
لقد ميِّز بياجيه بين أربع مراحل رئيسية يمر بها تفكير الطفل منذ ولادته حتى اكتمال نضجه العقلي المعرفي -كما سبق أن أوضحنا- وهي:
المرحلة الأولى: هي المرحلة الحسية الحركية, وتمتد منذ الميلاد حتى سن السنتين تقريبًا، وفيها يكتسب الطفل بعض المهارات والتوافقات السلوكية البسيطة عن طريق تفاعل منعكساته الفطرية مع البيئة الخارجية.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة ما قبل العمليات "التفكير الرمزي", وتمتد من سن الثانية حتى السابعة من العمر تقريبًا, وفيها يبدأ ظهور مجموعة من التغيُّرات الهامة في تفكير الطفل وسلوكه؛ إذ يبدأ يتعلّم اللغة.. وبظهور التمثيلات الرمزية يبدأ تكوّن الأفكار البسيطة والصورة الذهنية، ويتحوّل تفكير الطفل تدريجيًّا من صورته الحسية الحركية إلى صورة التفكير الرمزي. على أن تفكير الطفل في هذه المرحلة يظل متميزًا بعدة خصائص تميزه عن المرحلة الثالثة, أهمها: التركيز، والتمركز حول الذات، واللامقلوبية.