يعتبر النمو الخلقي أحد أهم مظاهر النمو الاجتماعي ونمو الشخصية عند الفرد، ويكتسب هذا الجانب أهمية خاصة في المجتمعات المعاصرة بشكل عام، وفي المجتمعات النامية بشكل خاص، ولن نكون مبالغين إذا قلنا أن كثيرًا من مشكلات مجتمعنا الراهنة هي مشكلات أخلاقية في صميمها، فما يدور حوله الحديث على كل لسان الآن من نفاق الكثيرين من الناس ومظاهر التسيب والإهمال والفساد والاستغلال وانحرافات الشباب وغيرها، إنما هي جميعًا تعبر عن أزمة خلقية، وعن قصور في نمونا الخلقي. "عبد الفتاح حجاج، ١٩٨٥، ١٤٧".
ويخضع الجانب الخلقي من بنية الشخصية لعملية نمو، شأنه في ذلك شأن الجوانب الأخرى للشخصية، هذه العملية قوامها تشرب الطفل ومسايرته للنظم الخلقي للجماعة الاجتماعية التي ينشأ فيها، أي قوامها عملية استدخال للأحكام والمعايير الخلقية السائدة في جماعته. "طلعت منصور ١٩٨٢، ٦٩".
ويعبر النمو الخلقي عن التغيرات النوعية التي تطرأ على الأحكام الخلقية للفرد أثناء فترة نموه، ولعل الأهمية القصوى للأخلاق تأتي من كون الأخلاق عنصرًا أساسيًا من عناصر وجود المجتمع وبقائه، ومقومًا جوهريًا من مقومات كيانه وشخصيته، فلا يستطيع أي مجتمع أن يبقى ويستمر دون أن تحكمه مجموعة من القوانين والقواعد تنظم علاقات أفراده بعضهم ببعض، وتكون لهم بمثابة المعايير المعتمدة في توجيه سلوكهم وتقويم انحرافهم. وبذلك يمكن القول بأن المبادئ الأخلاقية تهدف إلى تقوية العلاقات الاجتماعية وتعزيز تكيف الفرد مع نفسه والتصرف وفق معتقداته الخاصة. "محي الدين توق، ١٩٨٠، ٢٤".
ويشير مصطلح الأخلاق في علم النفس إلى ثلاثة معانٍ رئيسية، فهو من ناحية يستعمل للإشارة إلى مقاومة الأغراء أو للحد من السلوك الخاطئ الذي يؤدي إلى إشباع حاجة أو تحقيق فائدة لدى الفرد، ومن ناحية أخرى يشير إلى المعايير الذاتية لدى الفرد والتي تعتبر ضابطًا لسلوكه، حيث تؤدي دور السلطة في تحديد سلوكه وأحكامه الخلقية حتى في غياب السلطة الخارجية، ومن ناحية ثالثة يشير