من خلال تجارب جيزل وطومسون Gesell & Thomson "١٩٣٤"، وماك جرو Mc Graw "١٩٣٥" على التوائم المتماثلة أمكن الخروج بعدد من النتائج التي تفيد في تحديد نوع العلاقة بين النضج والتدريب وتأثيرهما على التعليم، من ذلك.
١- أن تعلم خاصية معينة يكون أكثر سهولة إذا كان الفرد قد وصل إلى مستوى النضج المناسب بالنسبة لهذه الخاصية. لذا: فمن الأفضل قبل أن نبدأ التدريب أن نطمئن إلى أن الخاصية التي سيتم التدريب عليها قد نضجت، وينطبق ذلك على كل خصائص الفرد: جسمية، عقلية، انفعالية، اجتماعية.
٢- أن التدريب اللازم للتعلم يقل كلما كان الكائن الحي أكثر نضجًا.
٣- أن التدريب قبل الوصول إلى مستوى النضج المناسب لا يؤدي إلى أن تحسن في التعلم أو يؤدي إلى تحسن مؤقت. ومن ثم: فإن تدريب الطفل على المشي قبل أن تنضج عضلات رجليه لا يحقق نتيجة، وتدريبه على الكتابة قبل أن تنضج عضلات أصابعه ويصل نضجه العقلي إلى المستوى الذي يدرك فيه ما يفعل، لا يحقق بالمثل أي نتيجة.. وإذا تم التعلم تحت تأثير الضغط أو التكرار فإن هذا التعلم يكون مؤقتًا وسرعان ما يهمل بعد ذلك. والأفضل في جميع الأحوال أن يتم التدريب متى وصلت الخاصية المعنية إلى مستوى النضج المناسب.. ويطلق على هذا المستوى اسم الاستعداد readiness ويعني: وصول المتعلم إلى مستوى مناسب من النضج يمكنه من تحصيل الخبرة أو المهارة أو الأسلوب الذي يريد أن يتعلمه عن طريق التدريب.
٤- أن التدريب قبل الوصول إلى مستوى النضج المناسب قد يعوق التعلم في المستقبل. فالتعلم بدون استعداد المتعلم يترتب عليه كراهيته لما يتعلم، وفشله في التعلم، فتعلم الطفل المشي قبل نضج عضلات ساقيه عملية شاقة بالنسبة له، وتكرار التدريب لا يأتي بفائدة ويسبب إحباط للطفل لا ينساه ولا تضيع آثاره، وتظل مواقف الإحباط السابقة تتدخل وتعوق تعلمه "إبراهيم وجيه: ١٩٧٦".
٥- إذا كانت الخاصية أو الوظيفة النامية محددة الإمكانيات بحكم الفطرة "كما هو الحال لدى المعاقين ذهنيًا أو بدنيًا" فإن أي جهد يتجاوز حدود نموها عديم الجدوى، بل يكون مضنيًا، أو ربما معطلاً للنمو العام. فالنضج أو التفتح التلقائي أمر يقرره عامل الفطرة "أي الوراثة" وهو يعد المادة الخام التي يتناولها التعلم بالتغيير والتحوير.
٦- في كثير من مظاهر النمو يتآز كل من النضج والتعلم معًا في إحداث النمو. فمثلاً: النمو اللغوي: لا يتعلم الطفل الكلام إلا إذا بلغ سنًا تسمح له بتعلمه أي قبل أن تنضج الأجهزة والوظائف اللازمة لمزاولة عملية الكلام، بالإضافة لذلك فإن الطفل يكتسب الطفل التي يسمع الناس حوله يتحدثون بها..
وعليه: فإن النضج والتعلم ليسا منفصلين في النمو ولكنهما يتفاعلان في تطوير مختلف النماذج السلوكية، فلكي تنمو خاصية معينة لا بد من نضجها تلقائيًا ثم نتناولها بعد ذلك بالمران والتدريب في الوقت الملائمة وعلى النحو السليم، وإلا لا يتاح لها الإرتقاء إلى نهاية نموها الطبيعي. "عبد المنعم المليجي: د. ت".