إذا نظرنا إلى النظريات المفسّرة للنمو التي عرضناها، والتي صنَّفناها طبقًا لمظاهر النمو:
- فإننا قد تناولنا ظاهرة النمو العضوي النفسي من زاوية النضج في إطار نظرية جيزل، والنمو الجسمي والتعلّم الاجتماعي في إطار نظرية سيرز، والنمو الجنسي النفسي في ضوء نظرية فرويد.
- وفي إطار دراسة النمو النفسي الاجتماعي: فقد تناولنا نظريتي إريكسون ومارشيا.
- وفي إطار دراسة النمو المعرفي: فقد تناولنا توجهات: فارنر، وبرونر، وبياجيه.
- وفي إطار دراسة النمو اللغوي: تناولنا التوجهات السلوكية في ضوء نظرية التعلُّم والتشريط، والتوجه الفطري العقلي الذي تمثله نظرية تشومسكي، والتوجّه المعرفي في نظرية بياجيه وفيجوتسكي.
- وفي إطار النمو الخلقي: فقد تناولنا توجّهات التحليل النفسي، والتعلُّم الاجتماعي، والتوجه المعرفي في رأي بياجيه، وبك, وهافيجهرست، وكولبرج.
ومن الواضح من خلال هذا العرض أن هناك أربعة مداخل فرضت نفسها على النظريات التي تناولت مظاهر النمو المختلفة, هي: المدخل العضوي البيولوجي النفسي, والمدخل الدينامي، والمدخل السلوكي، والمدخل المعرفي، وقد ظهر مدخل خامس يستند إلى دراسة اللغويات في نظرية تشومسكي، وكما هي العادة, فعلى الرغم مما قد يظهر بين هذه النظريات من خلافٍ, فإن إمكانات التكامل بينها أكبر بكثير من مظاهر التعارض، ذلك أن علماء النفس يستخدمون المداخل الأربعة في كل ظاهرة نمائية، فكل مدخل يتناول مجموعة محددة من الافتراضات والبيانات والمصطلحات التي تختلف عن تلك التي يتناولها المدخل الآخر، لذا: فقد درج الباحثون اليوم على اتخاذ ذلك الموقف المتكامل بالنسبة للمداخل المختلفة، وهو أنهم ينتقون المدخل المناسب لتطبيقه في تفسير المظاهر النمائية التي يصلح أكثر من غيره في تفسيرها، فإلى الحد الذي يجدون فيه مدخلًا ما مفيدًا في تفسير بعض الحقائق النمائية, فإنهم يستخدمون ذلك المدخل في التفسير ما دام لا يتعارض مع المنهج العلمي بشكل عام. "محمد عماد الدين إسماعيل: ١٩٨٩".
وفيما يلي نتناول النظريات التي عرضناها بنظرة نقدية فاحصة؛ لنتعرف على نواحي الاختلاف والاتفاق، وصولًا إلى إيجاد نظرية موحَّدة متكاملة لتفسر النمو الإنساني، وتوضيح مدى الاستفادة من هذه النظريات في التطبيق والممارسة التربوية.