للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- التوحد:

ldentification:

يقول فرويد: إن الطفل في بداية تكوين مدركاته وأفكاره يتولد عنده اعتقاد بأنه قوي جدًا وأن العالم هذا ما هو إلا امتداد له. ويشير بياجيه piaget إلى أن ما أقره فرويد يعتبر صادقًا إلى حد بعيد. فيتعلم الطفل في سن الشهور الست الأولى أنه والعالم الخارجي ليسا كيانًا واحدًا. ومن هنا ينطلق علم النفس الفرويدي إلى مفهو الذات أو "الأنا" "ego"، وتطوره عند الشخص. وعندما ينفصل الطفل عن باقي العالم من حوله فيصبح مدركًا لحقيقة أنه لا حول له ولا قوة، مجرد مخلوق بلا أي قوى تحميه في عالم يتهدده.

ويقول أوسوبل Ausubel "١٩٥٨" إنه بأنه كرد فعل لهذا الإحساس بانعدام القدرة وقوة الطفل على حماية نفسه، يبدأ الطفل في الهروب من الخوف المرتبط بهذا، فيعود الطفل للتوحد مع الوالدين identify with parents الذين يمثلون بالنسبة له أكبر قوة في عالمه الخاص، وبهذا يستعيد الشعور بالقوة مرة أخرى. وفي بعض الحالات نجد أن الوالدين لا يسمحان لأبنائهما بالتوحد معهما أو لا يعطيانهم الفرصة لتحقيق هذا، ولهذا السبب يستمر الطفل قلقًا anxious ومتخوفًا Fearful وإذا حرم الوالدين الطفل من فرصة التوحد فنجده يتجه للتوحد مع أحد الأقران. وقد أثبت هذا بحث أجراه ليسر lesser وأبيلسون Abelson "١٩٧٩". فقد أثبتت تجربتهم أن الطفل الذي يحرم فرصة التوحد مع الوالدين يكون لديه استعداد تام للتوحد مع أحد الأقران. ولهذا السبب نفسه نجد أن العلاقة الوثيقة بين الطفل ووالديه تحفظه من الانحراف أو الانزلاق مع جماعات ارتكاب الجرائم.

ويختلف الأطفال الذين تتاح لهم فرصة التوحد مع والديهم عن هؤلاء الذين يتوحدون مع أقرانهم. فنجد أن النوع الأخير يعاني من النقص في التحكم أو الضبط الداخلي inner Controls والضمير Conscience، وهما بدورهما يعتمدان إلى حد بعيد في نموهما وتطورهما على علاقة الحب والتعاطف بين الطفل والوالدين. وكما يقول "ريزمان" Riesman أن هؤلاء الأطفال يكونوا أكثر إمعية وإنصياعًا للآخرين ويقل اعتمادهم على أنفسهم. وعلى حد تعبير فرويد، فإن مثل هؤلاء الأفراد يكون لهم أكثر من "أناعليا" Superego، أي أنهم يتقبلون في آرائهم

<<  <  ج: ص:  >  >>