وتصرفاتهم حسب الجماعة التي ينتمون إليها وقتما تتاح لهم فرصة الاشتراك في أي جماعة. وهذا يوضح لنا أن الأطفال الذين يحرمون من التوحد مع والديهم مبكرًا يسرعون للتوحد مع أقرانهم ويظهرون ولاء تامًا لثقافة الجماعة واتجاهاتها.
وتوضح نظرية أوسوبل Ausubel حقيقة أن الطفل الذي ينبذه والداه يتجه لأقرانه. فمن المشاهد حقيقة أن الجماعات من الشباب الصغار والتي تتكون لارتكاب الجرائم، غالبًا ما يكونوا من بيوت لا تعطيهم الاهتمام والرعاية الوالدية المطلوبة ولا تربطهم علاقات والديه مع آبائهم.
وقد ركزنا خلال مناقشتنا هنا لعملية التوحد مع الأقران على الجوانب المرضية، والاضطرابات في وظيفة هذه العملية. نعود فنقول بأن عملية التوحد لا بد وأن تتم بين الطفل وأقرانه ولكن بدرجة معينة وهذا لأنها تعتبر شيء عادي ومفيد في نفس الوقت بالنسبة للطفل ونموه. وهناك اتجاه خاص في الثقافة الغربية يهدف إلى تربية الطفل بإعطائه درجة معينة من الاستقلال فيحاول الطفل أن يحرر نفسه من تحكم الوالدين وفي نفس الوقت يحاول الوالدان أن يستعيدوا هذا التحكم ولكن بكل تحفظ وحذر.
والتوحد مع الأقران يبدو كعامل مساعد للطفل على التحرر من الارتباط بالوالدين، فهو يعطيه الأمان الكافي Enough security أو يدعم موقفه حين يحتج أو يعترض الوالدان في لحظة من اللحظات على استقلاله. وملحوظة أخرى وهي أننا نجد أن الطفل يجد نفسه مضطرًا للارتباط بالجدول الزمني Timetable الخاص بأقرانه من نفس الجنس والسن. على سبيل المثل طفل التاسعة الذي لا يسمح له بالقيام ببعض الممارسات المعينة أو ارتداء ملابس معينة، وإذا كان يسمح لأقرانه بهذا، فيوجه إليه اتهام غير ناضج ومتأخر، ومن هنا يبدأ الطفل في الضغط على والديه وكذلك من قبل أقرانه وفي النهاية يخضع الوالدين. وبهذا يكون الطفل قد خطى خطوة نحو الاستقلال والتحرر من تحكم الوالدين بفضل إرتباطه بأقرانه وتوحده معهم.