للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- الانشغال:

كثيرًا ما يوصف الانشغال بأنه "خوفي متوهم أو بأنه "استعارة للهموم". وعلى عكس الخوف الحقيقي فإن الانشغال لا ينشأ عن مثير مباشر في البيئة، وإنما ينتج من عقل الطفل "داخلي وليس خارجي"، وهو ينشأ عن تخيل حدوث مواقف خطيرة، والانشغال حالة عادية في مرحلة الطفولة عمومًا حتى لدى أفضل الأطفال توافقًا.

ولا يحدث الانشغال إلا عند بلوغ الطفل مرحلة معينة من النضج العقلي ممكنة من تخيل أشياء ليست موجودة بالفعل وهو ما لا يحدث قبل سن الثالثة. وكلما تقدمت الطفولة زادت دواعي الانشغال في شدتها وتكرار حدوثها. وعمومًا فإن حالات الانشغال تصل ذروتها مباشرة قبل نضج الطفل جنسيًا، ثم تبدأ في الانحدار بعد ذلك. ويتوقف مدى الانحدار على مدى النمو العقلي، فعندما تنمو قدرة الطفل على التفكير يستطيع أن يدرك كيف أن كثيرًا من هذه الهموم غير منطقية.

وتتأثر مثيرات "الانشغال" باهتمامات الطفل. وبالرغم من وجود اختلافات ملحوظة إلا أن هناك بعض "الهموم" التي تعتبر نمطية بالنسبة للأطفال في مختلف مراحل العمر وأكثرها شيوعًا يتركز حول الأسرة والعلاقات مع الرفاق. والمشاكل المدرسية في هذه الأخيرة تبرز في أهميتها كلما تقدم الطفل في المدرسة. وتتعلق الهموم الخاصة بالأسرة وبصحة وسلامة أفراد الأسرة أو بالتأنيب من جانب الأم أو الأب. وتتركز "هموم" المدرسة حول التأخير عن الميعاد والرسوب في الامتحان والتأنيب والعقاب من جانب المدرس وعمل الواجبات المدرسية وعندما يتزايد لدى الطفل أهمية قبول جماعة الرفاق له فإن هذه الهموم تتركز حول مشاكل التوافق الاجتماعي، ومدى حب الرفاق له ومدى شعبيته بينهم. أما في بداية حدوث تغيرات البلوغ فإن "الهموم" تتركز حول ومدى نمو الجسم بما يتناسب وجنس الطفل "ذكر أم أنثى".

وتعتمد طريقة الاستجابة لهذه الهموم على نوع شخصية الطفل، فالطفل الذي لديه شعور بالنقص أو عدم الكفاءة كثيرًا ما يحتفظ بهمومه داخل نفسه، ويبالغ في التفكير فيها وتضخيمها بشكل لا يتناسب مع حجمها الحقيقي. وعلى النقيض من ذلك يقوم الطفل المتوافق توافقًا سليمًا بطرح ومناقشة هذه الهموم مع الأشخاص الذين يشعر بتعاطفهم معه. وكثيرًا ما يعبر الطفل الذي يشعر بعدم الأمان عن دواعي انشغاله بالإفصاح اللفظي على أمل كسب العطف الذي من خلاله يتحسن مدى قبوله اجتاعيًا، وعمومًا تعبر الشخصيات المنبسطة لفظيًا عن همومها أكثر مما تفعله الشخصيات الانطوائية وهذا ينطبق على جميع مراحل العمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>