للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيف تتشكل الهوية]

أولًا: استكشاف البدائل exploration of alternatives

...

كيف تتشكَّل الهوية:

يرى مارشيا أن هوية الأنا يتمّ تقييمها تبعًا لمدى وجود أو غياب عمليتين أساسيتين هما: الاستكشاف، والالتزام، ودرجة كل منهما -كما سبق أن أوضحنا. إن الميادين أو المجالات التي يعمل فيها هذين المتغيرين أقل أهمية من العملية الكامنة وراءها, وهناك افتراضان يتعلقَّان بهاتين العمليتين؛ الأول: يفترض أن الاستكشاف الحقيقي للبدائل الشخصية, والتي يتبعها اختيار الاتجاه العام لميول الفرد وقدراته, واتخاذ قرارات بشأنها, هو المؤثِّر الأساسي في تكوين الهوية. الافتراض الثاني: هو أنَّ البناء المتشكّل -كنتيجة لهذه العملية- يمكن تمثله تكيفيًّا لفترة محددة من الزمن, يصبح بعدها غير متوازن، ويلزم عنه فترة أخرى يتبعها الالتزام "التعايش".

ومن ثَمَّ:

فإن متغيرات الاستكشاف والالتزام يقصد منها تحقيق اكتمال تشكيل الهوية، أو تغيّر الهوية، أو إعادة تشكيلها, وفيما يلي نعرض لهاتين العمليتين:

أولًا: استكشاف البدائل Exploration of alternatives

الاستكشاف في المراهقة المتأخرة يمثل جانبين: أحدهما معرفي، والآخر سلوكي, وعلى الرغم من أنَّ الجانب المعرفي يمكن ملاحظته دائمًا في ظواهر سلوكية مثل: رغبة الفرد -مثلًا- في البحث عن بدائل لآرائه الدينية مثلًا من خلال استجلاء ما يؤمن به في مرحلة الطفولة, مع استمراره في ممارسته دون عائق، وقد يتوقّع المرء استكشافًا حقيقيًّا تصاحبه آثار مدمرة مثل: الانقطاع عن ممارسة الشعائر الدينية، وربما المنازعات مع الأسرة والأصدقاء.. إلخ. حتى وإن كان الاستكشاف معرفيًّا في البداية، فلا بُدَّ من أن يكون الفرد قادرًا على المناقشة بعمقٍ ما للبدائل الأخرى وتقييمها، وأن يكون قادرًا على أن يشير إلى أوجه النقص في أداء بعض الأفراد للشعائر الدينية الكائنة. وتبعًا لذلك: فإن بعض المعايير تستخدم لتقييم وجود أو غياب الاستكشاف، ودرجة كلّ منها, وتتم عملية الاستكشاف من خلال:

١- القدرة المعرفية:

فمع المراهقة المتأخِّرة ينبغي على الفرد أن يقوم بعمل تقييم دقيق لحاجاته الشخصية، وقدراته، وأن تكون لديه صورة حقيقية واقعية عن الفرص الاجتماعية المتاحة، فمثلًا: طالب الجامعة الذي ألزم نفسه بدراسة القانون: يجب أن يدرك أن سنوات الدراسة في كلية الحقوق يجب أن تقضي بقاعات الدرس وليس بالمحكمة، وأن يدرك أيضًا أن كل المحامين ليس لديهم نفس الخبرات, وبالمثل: فإن الطالب الذي تخصَّص في دراسة علم النفس لا يجب أن يتوقّع أنه يستطيع أن يعلّق لافتة في العلاج النفسي بمجرد حصوله على الدرجة الجامعة الأولى في تخصص علم

<<  <  ج: ص:  >  >>