[مبادئ التطور وعلاقتها بالنمو: principles of evaluation]
سبق أن أوضحنا أن دراسة النمو الإنساني تشتمل على النمو الفردي ontogeny, وهو دراسة التغيُّر في الفرد، والنمو التطوري للنوع phylogency, وهو دراسة نشأة الأنواع وتغيراتها, أي: تطورها. ومن أهم مبادئ التطور هو حدوث تغيرات الطفرة mutation تلقائيًّا وتكرارها في الجينات، وهي تغيُّرات لا تكون دائمًا مدمِّرة أو غير تكيفية, ومن الواضح أنَّه عندما تكون هذه التغيُّرات مدمِّرة فإن التركيب العضوي "النوع" يموت، ويعجز التكوين البيولوجي عن الظهور. ومع حدوث طفرة تكيفية هامشية فإن التركيب العضوي المتأثِّر لا يحتمل له البقاء هو الآخر؛ لأنه لا يستطيع التكيُّف مع متطلبات البيئة, ولا يحتمل أن ينجب، وأحيانًا يموت, وأحيانًا تحدث طفرة ليست مدمرة بيولوجيًّا ولا تعجز عن التكيف البيئي environmental adaptation, وإذا افترضنا أن المتغير بالطفرة يستطيع الإنجاب "ليس كل المتغيرين قادرين على الإنجاب"، فإن تركيبًا عضويًّا معدلًا سوف يولد وقد ينمو, والمتغير الذي يعيش قد يكون أو لا يكون متفوقًا أو أكثر تقدمًا عن المعدَّل السكاني للنوع.
وتتميِّز عملية التطور بظاهرة هامَّة هي أن فرز مجموعات الكروموسومات الفردية يكون عشوائيًّا.. والتنوع العشوائي يؤدي إلى زيادة التنوع في الأنواع، وبذلك يوفر تكيفًا أكبر في نطاق من الضغوط البيئية أكثر اتساعًا.. وهذا يدفعنا إلى مناقشة هذه المفاهيم المرتبطة بالنموِّ الإنساني والمؤثرة فيه, ومنها ما يلي:
١- التكيف adaptation:
بخلاف الوظائف البيولوجية الواضحة، فإن من أهم مبادئ التطور قدرة التركيب العضوي "النوع" على التكيّف مع متطلبات البيئة, وقد سبق أن رأينا أن بيولوجية التوالد هي في حد ذاتها ظاهرة تكيفية، مثال ذلك: أن ازدواج الجينات المدمِّرة، والذي يفترض أنه حدث عشوائيٌّ يجعل بقاء النسل مستحيلًا, فمفهوم التكيف يجمع بين مكونات التطور الوارثية والسلوكية، وربط المكونات الوراثية والسلوكية بالنظرية يعرف باسم:"النظرية التركيبية".