تشمل هذه المرحلة الفترة من منتصف العام الثاني من عمر الطفل وإلى سن المدرسة، وفي هذه المرحلة تستمر الحاجات الأولية في دفع سلوك الطفل، غير أنها تشكل تدريجيًّا لتصبح تعلمًا اجتماعيًّا متكرر التعزيز, أو دوافع ثانوية، وتصبح هذه الدوافع الثانوية هي الدوافع الرئيسية التي تدفع الطفل للفعل ما لم تفشل بيئته الاجتماعية في تقديم التعزيز اللازم؛ فجوع الطفل لم يعد يعتمد كليَّة على تقلص معدته، ولكنه يصبح مقترنًا برؤية بعض الإشارات الرمزية مثل الزجاجة، أو قيام أمه بفتح باب الثلاجة.. إلخ، وتستمر الأم بمثابة المعزِّز الأكبر في هذه المرحلة، فهي تدرك السلوك الذي يجب تغييره, وتضع المعايير لأشكال أكثر نضجًا من الأفعال، وتغرس في الطفل الرغبة في أن يصبح اجتماعيًّا.
أما عن أسلوب التنشئة الاجتماعية في هذه المرحلة، فهو يعتمد على إحدى طريقتين:
الأولى: المكافآت والعقاب: فحتَّى هذه المرحلة كانت المكافأة تعتبر عاملًا مساعدًا في التنشئة الاجتماعية، في حين أن العقاب يمثل افتقارًا واضحًا للمكافأة, ولا يولي "سيرز" العقاب سوى اهتمام قليل، فهو يرى أن العقاب أساسه عقدة سلوكية ليس لها تأثير معزز واحد، فالعقاب لا يميل لإخماد السلوك غير المرغوب ولا يغيره، وهو فقط يصلح كعلاقة واضحة لرفض تأييد حدث سلوكي غير مرغوب، أو إعادة توجيه سلوك عام, ولذلك فإن المكافأة تعتبر أجدى من العقاب في التعلّم الاجتماعي, ذلك أن التعلم الاجتماعي الأصيل يتوقَّف على إحلال خبرة جديدة، ترتكز على إشباع أكثر لياقة مما ترتكز على تجنُّب الخبرات غير السارة، أو على الخوف من النتائج.
الثانية: التقليد والمحاكاة: فإن كان الطفل قد تعلّم كيف يشبع حاجاته الخاصة إلى حدٍّ ما، فإن محاكاته التلقائية لتتابع فعل سبق أن قامت به أمَّه, يمثل محاولات الطفل للحصول بنفسه على الهدف المشبع، وتحدث المحاكاة ويعززها استجابات الطفل نفسه الذاتية النشطة والمحققة للهدف, وبالتدريج يتعلم الطفل أن يشبع دافعه الاعتمادي بتأدية أفعال سبق أن توقعها وطلبها من أمه، وأحيانًا يتعلم الطفل خلال السنة الثانية من عمره أن يقلّد والديه.