لقد تأثَّرت بحوث النمو الخلقي بعدة نظريات سيكولوجية أهمها نظرية التحليل النفسي، والنظرية السلوكية أو التعلُّم الاجتماعي بشكل خاص, ونظريات النمو المعرفية, فقد ربط فرويد بين الغرائز الجنسية وبين الحاجات الانفعالية. وتعالج نظرية التحليل النفسي النمو الخلقي في إطار مبدأ اللذة وفكرة الإثم, أمَّا نظرية التعلُّم فقد أكَّدت على أهمية الحاجات البيولوجية وإشباعها، فإشباع الحاجات البيولوجية وتعزيزها هي العامل التي تحدد السلوك الإنساني, كما يعتقد أصحاب نظريات التعلُّم أن النمذجة والاستجابات السلوكية المتعلَّمة هي التي تحدد النمو الخلقي والاجتماعي "arofreed, ١٩٦٨". وهكذا نجد أن الاتجاهين السابقين يبدآن تقريبًا من افتراض واحد، وهو أن الطفل يبدأ أنانيًّا بالمعنى الأخلاقي, إنه يسعى لإشباع حاجاته أو غرائزه، وتبرز نظرية التحليل النفسي فكرة الإثم والشعور بالذنب, والوسيلة الأساسية للخلاص منه تكمن في التدخُّل المبكر من جانب الراشدين، وتلقين الطفل القيم الأخلاقية. فالأخلاقية من وجهة نظرهم تركّز في فكرة الضمير، وهو مجموعة من القواعد الثقافية والأفكار الاجتماعية التي تَمَّ تمثُّلها بواسطة الفرد. وأحد المؤشرات الأساسية لوجود معايير خلقية تَمَّ اكتسابها هو الشعور بالذنب, أي: استجابات نقد الذات وعقابها, والقلق الذي ينشأ لدى الفرد عندما يتعدَّى على المعايير الثقافية.
ونظريى التعلُّم الاجتماعي وليدة نظرية الصفحة البيضاء "tabula rasa. فالطفل الوليد ليس فاسدًا أخلاقيًّا، ولا هو نقيًّا بالفطرة، وإنما هو طبيعة مرنة قابلة للتشكيل على أية صورة، ومرة أخرى، فإن تدخل الراشدين هو العامل الحاسم في اكتساب الطفل المعايير الخقلية، فلولا تدخُّل الراشدين لكان ممكنًا أن تستمرَّ دافعية الطفل عند مستوى الحاجات البيولوجية. وعن طريق التعزيز باستخدام الثواب والعقاب يتعلّم الطفل أفعال معينة تسمَّى بالأفعال الخلقية.
وعكس ذلك فإن الاتجاه المعرفي النمائي, وعلى رأسه جان بياجيه, ينطلق من مبدأ الصفاء والنقاء الداخلي "الفطري", فالطفل أساسًا يكون أخلاقيًّا أو نقيًّا، ويتعلّم اللا أخلاقيات من المجتمع الراشد, وكنتيجة لذلك: فإن التأثير المفسد للمجتمع الراشد على الطفل يجب أن يقلل إلى أدنى حد. ويرى بياجيه بأن الخلق ينمو من اكتساب الاستقلال الذاتي المنبثق عن الحاجة إلى التوافق مع الأقران، ويعتقد أن الآباء وحدهم لا يسمحون بنمو الاستقلال الذاتي؛ حيث إن سلوك الطفل إنما يحمله الوالدان وليس الطفل.
ولقد حاول أصحاب نظرية النمو المعرفي مدّ أثر النظرية المعرفية أبعد من ذلك لتفسير نمو الأخلاقيات. وسوف نعرض فيها يلي للتوجُّهات النظرية المختلفة في تفسير النمو الخلقي.