٣- العلاقة بالأخوة والأخوات:
وفي هذه السن لم يعد الأخوة والأخوات منافسين للطفل، بل يصبحون ذوي دلالة إذا كانوا قريبين من نفس السن, وكانوا ضمن جماعة رفاق الطفل، أي: في نفس سنه أو سنهم قريبة من سنه.
٤- علاقة الطفل بالكبار:
وحيث إن الطفل يرى في والديه متمثلين للمجتمع الذي يجب عليه أن يعمل فيه, فإنه الآن يبدأ في قياسهما على ضوء غيرهما من ممثلي هذا المجتمع, ومن هنا يتَّخذ الطفل أصدقاء والديه ومعمليه وأبائه وأصدقائه أهمية جديدة لديه.
ويبحث الصبية والبنات عن بالغين آخرين لتحقيق ذواتهم معهم؛ حيث إن الوالدين لم يعد باستطاعتهما تحقيق متطلبات الطفل من هذه الأوقات، وطالما ظلَّ الصبية والبنات خالين من الالتزامات الشخصية فإن باستطاعتهم أن يحوّلوا مُثُلهم ومعتقداتهم الشخصية إلى شخص أو إلى مجموعة من الكبار، وهم سيحققون ذاتيتهم بمظاهر الناس التي لها دلالة خاصَّة لديهم, دون اعتبارٍ للشخصية الكاملة وموقف الشخص.
واجبات المربين لإرساء حاسَّة الاجتهاد والإنجاز:
إن إحساس الطفل بالإنجاز وإجادة العمل وبأنه الأقوى أو الأحسن أو الأذكى أو الأسرع, هو النجاح الذي يسعى إليه. إن الطفل يدرأ الفشل بأي ثمن.
وباكتساب حاسَّة الاجتهاد واتِّقاء الإحساس بالنقص, فإن الطفل يعمل جاهدًا على تحسين نفسه والأنصار على الناس وعلى الأشياء؛ ليأخذ مكانه بينهم.
وإن دافعه للنجاح يتضمَّن إدراكًا بالتهديد الكامن في الفشل، وهذا الخوف الكامن يضطر الطفل لمضاعفة الجهد في العمل كي ينجح، ذلك لأنَّ أي إجراء ناقص, أو أي إهمالٍ سوف يقوده إلى الاقتراب من الإحساس بالنقص, وهو إحساس يجب أن يحاربه لكي يتقدَّم واثقًا في نفسه نحو اكتمال نموه.
ففي المنزل: يجب أن تتاح كثير من الفرص التي يتمكَّن الطفل فيها أن يجد النجاح ويحس بقدرته على العمل والإنجاز, وأن يقوم بمحاولات قيمة ومفيدة لنموه السوي, ويجب ألّا يعطى أعمالًا فيها تعجيز له، أو أعمالًا تفوق مستوى قدراته، بل يعطى ما يمكن أن ينجزه، ثم يكون التدرج معه في مستوى الأعمال والخبرات؛ بحيث لا يتكرَّر فشله فيصبح لقمة سائغة للنقص.
وفي المدرسة: من المهم للصحَّة الشخصية وسلامتها أن تدار المدراس إدارة حسنة، وأن تتيح طرق التدريس ومواد الدراسة لكلِّ تلميذ أن يشعر بالإنجاز الناجح والتحصيل المرضي، ويمكن أن يتمَّ ذلك من خلال مراعاة الفروق بين الأطفال في الفصل الواحد, حتى لا يشعر طفل بالفشل المستمر.
فلقد تبيِّنَ من دراسة مشكلات الجانحين أنَّهم كرهوا المدرسة؛ لأن معلميهم كثيرًا ما كانوا يصفوهم بالغباء، ولأنَّهم لم يبلغوا من النجاح والصلاح ما بلغه الآخرون، بالإضافة إلى الإحساس بالإخفاق وعدم الشعور بالأمن, ولذلك فهم يستجيبون للشرود والسلوك الجانح بطريقة أهدأ، وبالتقبُّل السالب لدونيتهم وشعورهم بالنقص، وقد يكونوا قد تعرَّضوا لضرر نفسي أبلغ مما يظهره سلوكهم.