للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الاحترام وتأثُّر الآخرين بهم. فإذا ما تَمَّتْ مواجهة هذا النسق العقائدي من الباحث الحاذق، حينئذ تظهر سطحيتهم واضحة جلية.

وبالمثل، فإن استجابات ذوي الهوية المشتتة للأسئلة الدينية تظهر مقتضبة موجزة، وغالبًا ما يحاول الباحث حثَّهم وإثارتهم للحصول على محتوى أوسع، ولكن يبدو الأمر كما لو كان "لا حياة لمن تنادي" nobody's home, وقد يظهر نوعٌ آخر من التشتت في شكل تعبير لفظي يشبه "دخان السينما" كلما تعقَّدت الأمور، ولإظهار المعرفة والدراية يستخدم الشخص قوالب طنَّانة مثل: إنني على المذهب "الإنساني الوجودي"١ pantheistic - humanist, وذلك على أمل أن يؤخذ ذلك دليلًا على القدرة المعرفية. وعلى الباحث أن يستقصي المحتوى المتعمق للنسق العقائدي وليس مجرد الشعارات.

ب- إعاقة الهوية:

لما كان من يعانون تشتت الهوية يميلون إلى وجود فراغ في الفكر والأيديولوجية، فإنَّ من لديهم إعاقة للهوية -خاصَّة في النواحي الدينية- فإنهم في العادة يؤمنون إيمانًا راسخًا فيما اعتنقوه في الطفولة, وغالبًا ما يلتزم الشخص الذي يتميز بتحقق الهوية أو الذي يعاني إعاقة الهوية بالقول؛ لأن معتقداته تختلف عمَّا يعتقده والده، وعمَّا كان يعتقد فيه في طفولته، إلّا أنَّ الأمر متروك للباحث لتحديد ثبات هذه الإدعاءات والفروق فيها. فإذا ما أعلن أحد المفحوصين بأن معتقداته قد تغيَّرت تغيرًا له دلالة عمَّا كان وهو صغير، فإنه يجب أن يكون بعد ذلك قادرًا على أن يعبِّر بوضوح عن تحولاته الأساسية, فمثلًا: إذا قرَّر شخص روماني كاثوليكي بأنَّ ميلاد العذراء مشكوك فيه، فإن ذلك لا يشير إلى تغيُّر أساسي، في حين أنه إذا ما شبَّ شخص روماني كاثوليكي, وسأل عن السياسة الاجتماعية للكنيسة، أو وجد نفسه يفضل عملية ضبط الإنجاب، أو الإجهاض، أو السياسة الماركسية، أو إنكار السيادة البابوية.. إلخ. حينئذ, فإن ذلك يشير إلى تحوّل وتغيّر له دلالته, وبالمثل إذا أعلن شخصٌ ما بأنَّ معتقداته تختلف عن معتقدات


١ مذهب فلسفي يؤمن بوحدة الوجود، الله والطبيعة شيء واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>