الخصائص الجسمية والعقلية بالتدريج حتى تصل هذه الخصائص إلى أقصى نموها خلال فترة المراهقة المتأخرة, وإذا كنا نستخدم مصطلحات معينة لمراحل النمو، فلكي نؤكِّد بأنَّ ثمة نمطًا خاصًّا للنمو حادث في هذه الفترة بعينها.
معنى ذلك أنه ليس هناك خصائص -سواء جسمية أو عقلية- تظهر بطريقة فجائية، فكلها نتاج النمو الذي بدأ قبل الميلاد, وهناك أمثلة عديدة على ذلك: فقد يتراءى لنا بظهور الأسنان الأولى خلال السنة الأولى من عمر الطفل أنها تنمو بشكل فجائي، ولكن حقيقة الأمر عكس ذلك، فهي تبدأ في النمو من الشهر الخامس من تكوين الجنين في بطن الأم، على الرغم من أنَّها لا تخرج من اللثة إلّا في حوالي الشهر الخامس بعد الميلاد, كذلك لا يأتي الكلام للطفل بين يوم وليلة، ولكنه ينمو بالتدريج من الصياح والأصوات الأخرى التي يأتي بها الطفل بعد الولادة. "طلعت منصور، عادل الأشول: ١٩٧٦".
ولكون النمو عملية مستمرة: فإن ما يحدث في مرحلة معينة يمتد إلى المرحلة أو المراحل التالية ويؤثر فيها، فمثلًا: سوء التغذية في السنوات الأولى من حياة الطفل سوف يؤدي إلى إحداث أضرار جسمية ونفسية يصعب تعويضها كلية فيما بعد, كذلك يؤدي التوتُّر الانفعالي الناشئ عن الظروف غير المواتية في المنزل إلى إحداث بصمات في تطور نمو شخصية الطفل, كما أن تكوُّن اتجاهات غير صحية نحو نفسه، وعلاقته بالآخرين، خلال السنة الأولى من حياته تظلّ مترسِّبة في كيانه النفسي في مرحلة النضج.
وهكذا ينطوي إقرار مبدأ استمرارية النمو على حكمة تربوية؛ إذ يجعل في مقدورنا أن نسعى إلى تحديد مسار النمو والتنبؤ به والتخطيط له.
٥- النمو عملية متكاملة:
لا شكَّ أن النموَّ عملية مركَّبة وغاية في التعقيد, وسبب ذلك أن مظاهر النموِّ مرتبطة كلها بعضها بالبعض الآخر ارتباطًا وثيقًا.
- فلا يمكن فهم نمو الطفل الجسمي، دون أن نقدر في نفس الوقت نموه الانفعالي، وتوافقه الاجتماعي، ولا هذا الأخير دون تقدير لصحة الطفل