إلى الأخلاقية الداخلية، ويحدث ذلك عن طريق تبادل التعاون والشعور بالمسئولية إزاء الأطفال الآخرين, أي: إن الطفل خلال سنوات المدرسة الابتدائية يحكم على أفعاله وأفكاره ومشاعره على أنَّها صواب أم خطأ, ويرى بياجيه أنَّ سن المدرسة يعتبر فترة انتقال من الواقعية الأخلاقية "حينما تكون القواعد بالنسبة للطفل غير قابلة للتغيير ويطبقها حرفيًّا" إلى الاستقلال الذاتي "حينما يرى الطفل أن القواعد قد وضعها الأفراد, وأن العلاقات تبنى على الاحترام المتبادل وعلى التبادلية، "smart & smart, ١٩٧٧, ٤٧٢".
وعلى الرغم من أن تتابع مراحل فهم القواعد عند بياجيه كان تتابعًا تجميعيًّا, بمعنى أن المرحلة السابقة تدخل كمكونات للمرحلة التي تليها، وتلك سمة عامَّة لنظريته في النمو العقلي، فإن تصوره لنوعي الأخلاقية كان على خلاف ذلك؛ فبياجيه لا يرى وجود أي شيء في الأخلاقية الخارجية يؤدي إلى نشأة الأخلاقية الداخلية, وهذا نقطة ضعف في نظريته.
ج- الإحساس بالعدالة sense of justice:
ولبحث الإحساس النامي بالعدالة لدى الطفل, ذكر بياجيه للأطفال قصصًا عن الأشخاص الذين يقومون بارتكاب أخطاء، ثم سُئِلَ الطفل عندئذ عن السبب في أنَّ هذه الأفعال كانت خاطئة، أو أي من الفعلين كان خطأ والآخر صحيحًا, مثال ذلك:
في إحدى القصص طلب من الأطفال تحديد مَنْ كان أكثر شقاوة, أهو الطفل الذي هشَّم ١٥ فنجانًا من خلال حادث لا يمكن تجنبه، أم الطفل الذي هشَّم فنجانًا واحدًا وهو يحاول اختلاس بعض المربَّى.
وفي مثال ثان سئل الأطفال: أيُّ الاثنين أكثر ذنبًا, أهي البنت التي سرقت كعكة لتعطيها لصديق فقير جائع، أو تلك التي سرقت شريطًا "أقل ثمنًا" لنفسها.
وكانت كل قصة تتضمَّن فروقًا في القصد "جيد أو رديء"، وفروقًا في التلف "كبير أو صغير" "smith et, al. ١٩٨٢, ٣٣٠".