ويعتبر السلوك إمَّا طيبًا أو رديئًا تبعًا لما إذا كان يتَّبع قواعد اجتماعية أم لا. إن الأطفال الأصغر يعتقدون في فكرة العدالة الوشيكة، بمعنى: إن الله يعاقب الناس على أفعالهم الخاطئة مباشرة، فالعقاب يعتبر مباشرًا يحدث بقدرة أوتوماتيكية لمن يخرج عن القواعد الأخلاقية, أمَّا الأطفال الأكبر في المرحلة الثانية للنمو الأخلاقي فإنهم ينظرون إلى القواعد باعتبارها محددة باتفاق متبادل، وأنها تعتمد على الظروف الاجتماعية. إن الطفل يدرك أنه لا يوجد صواب مطلق ولا خطأ مطلق، بل إن تصورات أو أفكار العدالة تشتمل على القصد أو النية intention؛ فكسر "١٥" فنجانًا عَرَضيًّا ينظر إليه على أنه أقل خطأ من كسر فنجان واحد أثناء محاولة الحصول على الشيء من المربَّى المحظورة "lickona, ١٩٧٦". إن اتباع القواعد الأخلاقية ينظر إليه كضرورة لتمكين المجتمع من أداء وظائفه، ويعتبر العقاب ملائمًا للخطأ, وليس مجرد تنفيذ لسلطة.
٣- إن النضج والخبرة عاملان أساسيان في تحديد فكرة الطفل عن العدالة:
فالنضج يؤثر على النمو الأخلاقي من خلال وظيفته في تحسُّن النمو المعرفي العام. كما أنَّ الخبرة تؤثر على النمو الأخلاقي أساسًا من خلال الأقران؛ حيث إن التفاعلات المتبادلة بين الأطفال والراشدين هي في الغالب من جانب واحد، أي: إنها تسلطية؛ فنظرًا لأنَّ الراشدين يميلون للهيمنة والسيطرة على الأطفال, فإن الأطفال ينظرون إلى قواعد الكبار على اعتبار أنها مطلقة. وطبقًا لنظرية بياجيه فإن النمو الأخلاقي لا يمكن أن يحدث في ظل هذه الظروف، لكن تبادل الأخذ والعطاء الذي يحدث بين الطفل وأقرانه فإنه يمكن أن يؤثّر على مفهوم الطفل للأخلاقيات، ويحدث ذلك بطريقتين:
أولًا: بالمشاركة في القرارات مع الأقران: والأطفال بذلك يكتسبون ثقة في قدرتهم على تطبيق القواعد في المواقف وعلى تغيير القواعد, وعلى ذلك: فإن القواعد ينظر إليها كنتيجة للاتفاق والتعاون بين الناس، كما ينظر إليها على اعتبار أنها مرنة وليست قابلة للتغيير.