صحيحة تمامًا، غير أنَّ أغلب النظريات قصرت مراحل النمو على الطفولة والمراهقة، والقليل منها ما تناولت الرشد والشيخوخة.
وبذلك فإنَّ معظم النظريات النمائية قد أجمعت على أهمية السنوات المبكِّرة من عمر الطفل, خاصة مرحلتي المهد والطفولة المبكرة, وذلك بالنسبة لتكوين الشخصية, فإن مرحلتي الرشد والشيخوخة لم يهتمّ بهما سوى إريكسون, وبشيء من الاختصار, حتى أصبحت معلوماتنا عن هاتين المرحلتين يشوبها الكثير من القصور, رغم ما يحدث فيهما من تغيُّر في النواحي المعرفية والانفعالية والاجتماعية، ورغم ما تمثله من عطاء وإنتاج توجب الاهتمام بها؛ حيث يمثل أربابها الحكمة والتوجيه والخبرة التي يسير الصغار في ضوئها، أضف إلى ذلك أنَّ أفراد هاتين المرحلتين يمثلون نسبة كبيرة من سكان العالم. إننا في حاجة إلى دراسة كيف ينتهي النمو الإنساني مثلما نهتم بدراسة كيف يبدأ هذا النمو. "محمد السيد عبد الرحمن: ١٩٩٨".
٤- تأثير الخبرات السابقة على النمو:
فيما يختص بتأثير الخبرة السابقة على خبرات الفرد الحالية أو اللاحقة, يفترض فرويد تأثير السنوات الخمس الأولى على تشكيل الشخصية الإنسانية في سوائها واضطراباتها. ويفترض "إريكسون" خيطًا متصلًا من أحداث الحياة يبدأ مع بداية تاريخ حياة كل فرد, ويقنع "بياجيه" بأنَّ خبرات الحياة المبكرة تكون الأنماط الأساسية في مواجهة أحداث الحياة اللاحقة. ويرى "سيرز" أن الخبرات المبكرة المؤدية إلى الإشباع الذاتي تضر بالخبرات اللاحقة, إلى أن يؤدي تجمعها إلى البدء في إيجاد تأثير توجيهي على الفرد.
ومن ناحية أخرى, فإن كولبرج قد رأى أن الطفل يعايش صراعًا وتناقضًا يترتَّب عليه اختلال في التوازن فيما لديه من تركيبات أخلاقية قائمة, فيصبح غير قادر على أن يستوعب الخبرات الجديدة, وبالتالي يتلمَّس الطريقة التي يصل بها إلى تركيب آخر يقترب مما لديه، وعندما يتيقَّن أن هذا التركيب في صورته الجديدة يتفق أو يتلاءم مع ما يعيشه من مواقف وخبرات, يعمد إلى التوافق بين التركيب الجديد والقديم.