المستمر بين حالات الشعور، ومعرفة استقلال الذات والتعرف عليها, غير أنَّها تعمل في الواقع كواحدة في الخبرة اليومية.
وقد ذكر بك وهافيجهرست في تناولهما للنمو الأخلاقي بأنَّ الطفل في المرحلة الأولى يرى الناس كوسائل لإشباع الذات, ويكون الطفل متمركزًا تمامًا حول ذاته لا يعرف المبادئ الأخلاقية ولا الضمير, إنما صورة رضيع لم يبدأ في التطبيع بعد، وينتهي بك وهافيجهرست بآخر مراحل النمو الخلقي إلى الغيرية العقلانية في المراهقة.
١٠- التعلُّم:
يعترف "بياجيه" و"إريكسون" و"كولبرج" ومن قبل هؤلاء جميعًا جيزل، يعترفون بالتجربة والخطأ كعامل هام في النموِّ في فترة الطفولة المبكرة، وهم في ذلك يختلفون عن سيرز وعلماء السلوكية من أنهم أقصوا هذه العملية التعليمية إلى مكانة أقل في كل مراحل نموّ الطفل اللاحقة, وبالنسبة للجميع فإن "إريكسون" هو الأكثر استعدادًا للاعتراف بوجود قوة داخل الوليد تستخدم بمعرفة, ويفضل "سيرز" استبعاد القوة الموجهة لمعظم سلوك الوليد إلى المثير خارج الوليد، أمَّا "بياجيه" فيعارض أولًا فكرة "إريسكون" بأنَّ خبرات المراحل الأولى من الحياة تصبح ذات صفة عامَّة لها تأثيراتها على كل الخبرات التالية، ولكنه بعد ذلك يقدِّم ملاحظة مشابهة، وإن كانت باستدلال منطقي مختلف؛ إذ يذكر أن الوليد يبني على خبراته الخاصة السابقة؛ لأنه لا يعرف بديلًا لذلك.
وفي النظريات السلوكيِّة ذات التعلُّم الاجتماعي نجد أن العمليات المؤدية إلى التعرف على الذات هي العمليات النمائية المركزية. إن سلوك المحاكاة والتقليد والنمذجة والتجربة والخطأ والتعزيز، ليس إلّا عملية صغرى وإضافة تستخدم لتحقيق الذاتية، ينظرون إلى الطفل كفرد ينتقي كائنات أخرى كنموذج له. وهم يقترحون عملية من قسمين:
١- انتقاء الآخرين كنموذج.
٢- التعايش مع سلوك وأفكار وقيم يفترض أن الأشخاص المنتقين قد سيطروا عليها.
والانتقاء والتشكيل يكونان جزءًا من إدراك الذات, ويرى "بياجيه" أنَّ تحقيق الذات هو عملية اختيار النماذج طبقًا للأنماط الموجودة من فهم الطفل, ويقدّم "سيرز" عملية تقتضي مطابقة النماذج "المتيسرة" على الإشباع المصاحب لها على أساس خبرات مشابهة سبق الاقتناع بها, ويصور "إريكسون انتقاء النماذج كعملية مرضية، تتطلّب فيها كل مرحلة نموّ تطوير صفات مختلفة، ومجموعة مختلفة من المناذج. حتى تفسير التحليل النفسي للنمو الخلقي قد ارتكز على هذا المبدأ, وهو التوحيد مع النموذج.