موضعًا للإحساس بالذنب أو الرغبة في العقاب، في أيّ مستوى سابق للإدراك الواعي للطفل لمصدر السلطة، ومن جهة أخرى فإن "سيرز وإريكسون" يعرِّفان الذنب بأنه محصّلة الخبرة الشعورية أو اللاشعورية في أي مستوى سن، حتى قبل الإدراك الواعي بالمحظورات، وهنا نجد أن "بياجيه" و"سيرز" يقدمان ثانية تقسيمًا ثنائيًّا، ونجد كولبرج ينظر إلى المكوّن الخلقي في إطار اجتماعي. إن الشعور المعرفي لا يتواجد حتى يعرف الشخص أنه موجود، وأن الشعور الانفعالي، أو الأنا العليا، يظهر قبل أن يحس الفرد بسنوات وهو يتأثر شعوريًّا بآثاره.
ج- النمو المعرفي والأخلاقي:
توجد كثير من نقاط الالتقاء بين النظريات المعرفية في مجال النمو المعرفي من ناحية, والنمو الخلقي من ناحية أخرى. ومن أوجه التشابه بين كولبرج وبياجيه نجد:
- إن بياجيه وكولبرج يؤكّدان على أهمية الأبنية المعرفية كأساس للنمو المعرفي والخلقي.
- استخدم كولبرج نفس المستويين اللذين استخدامهما بياجيه في وصف النمو الخلقي.
- واستخدم كلٌّ منهما النظام التتابعي في دراستهما لمراحل النمو الخلقي.
= واعتبر كولبرج المفهوم الأساسي للنمو الأخلاقي هو العدل, وهو نفس الاعتبار الذي دارت حوله تحليلات بياجيه.
- ويعتبر كلٌّ من بياجيه وكولبرج أن الطريقة الإكلينيكية هي أنسب الطرق لتقييم النمو.
- ويتَّفق كلٌّ منهما حول التفاعل بين الأقران وأهمية المفاهيم الأخلاقية الي تحتضنها كل الثقافات.
وبذلك فإن مراحل النمو المعرفي والنمو الخلقي هي سلسلة من المعارف التي تزدد تلاؤمًا, والتي تتعلق بالعالم الاجتماعي الثابت نسبيًّا. "عادل عبد الله: ١٩٩١".
ز- العلاقة بين النمو اللغوي والنمو المعرفي:
ترتبط اللغة بالنمو العقلي والمعرفي ارتباطًا وثيقًا, وقد سبق أن أوضحنا وجهة نظر بياجيه وفيجوتسكي حول العلاقة بين اللغة والتفكير. فالنموّ المعرفي شرط أساسي لنمو اللغة, ولقد اعتقد فيجوتسكي أن الأفعال تسبق الكلمات, فالكلمات ليست هي البداية؛ حيث يبدأ الفعل أولًا، أما إنجاز الفعل على نحو ناجح فيعتبر غاية النمو في هذه المرحلة. ويرى أن مرحلة تضمّن الحديث قبل الفكري كالثرثرة مثلًا، والتفكير قبل اللغوي، أي: الأنماط السلوكية للذكاء العلمي والتي يتمّ التحكم فيها إداركيًّا، وحينما يتحدان معًا في نهاية مرحلة المهد يصبح التفكير شفهيًّا والحديث منطقيًّا. "تيرنر: ١٩٩٢".