معقولة، فإننا نستيطع عندئذ أن نستخلص بعض الدلالات عن نمو المخ من واقع السلوك. وبالنسبة لضرورة معرفة علم وظائف الأعضاء لفهم نمو المخ، وبالنسبة لأن اهتمامنا أساسًا هو بالسلوك، فإننا لن نناقش تفاصيل نمو المخ. ويبدو أن لهذا العمل دلالات على مختلف مظاهر السلوك والنمو الإنسانيين، مثل استخدام اليدين، واللغة، والقدرة على التمييز بين اليمين واليسار، أي على توجيه الجسم في القضاء ... إلخ.
إن نضج بعض الأنماط السلوكية يقدم العديد من القرائن حول نمو قشرة المخ. وتفيد معظم المراجع في هذا الصدد أن النضج يتوقف عن إيجاد أي علاقة هامة بالنمو الحركي بعد سن السادسة، ومع ذلك فمن الخطأ أن نستنتج أن أي عمليات إضافية خاصة بالنضج لم تعد لها أهمية، وكل ما في الأمر أن اكتشافها أكثر صعوبة. وطبقًا لما قاله تانر "١٩٧٠ص ١٢٣" Tanner:
"من الواضح أنه لا يوجد سبب للافتراض بأن الصلة بين النضج التكويني وحدوث الوظيفة تتوقف في سن السادسة أو العاشرة أو الثالثة عشرة.. بل بالعكس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن القدرات العقلية الأكثر تقدمًا لا تظهر هي الأخرى إلا عندما يتم نضج بعض التكوينات، وتنتشر مجموعات خلايا في أنحاء قشرة المخ. إن تفرعات الخلية العصبية، بل الملايين منها، تشغل حيزا قليلا، ويمكن حدوث زيادة كبيرة في الاتصال في حدود إجمالي زيادة في الوزن لا تتعدى عددًا قليلًا في المائة. أم مراحل الوظيفة العقلية كما وصفها بياجيه وغيره، بها الكثير من سمات المخ الآخذ في النمو أو التكوينات الجسمية، وظهور مرحلة بعد الأخرى من المحتمل أن يتوقف على "أي يحدده" النضج المتواصل وتنظيم قشرة المخ".
نصفا كرة المخ The Brain Hemispheres:
يبدو أن لكل من هذين المخيين قدرات مستقلة "١٩٧٥، Sperry"، الأمر الذي يثير كثيرًا من التساؤلات حول وظائف كل نصف كرة وكيف تتكامل هذه الوظائف. والمسألة معقدة وذلك بسبب عدم تجانس مخ الإنسان، أي أن كل نصف من نصفيه له سيطرة أساسية على بعض مظاهر السلوك.