الصناعية والغنية فهي لا تحتاج لمجهود الطفل واستغلاله في العمل، ولهذا تسمح للأفراد الصغار بوقت فراغ أكبر وبالتالي فرص تكوين جماعات الأقران أوسع وترابطها أقوى.
وتقدم لما "بوهم" Boehm" "١٩٥٧" دراسة توضح لنا فيها أن تحكم الكبار والتحرر منه حدث بصورة جلية مبكرًا في الولايات المتحدة أكثر منه في أوربا. وقد اعتقدت أن الوالدين Parents في أمريكا كانوا أقل شعورًا بالأمن وكذلك أقل تأكيدًا من أن طريقهم هو الطريق الصحيح، ولذلك كان لديهم الاستعداد للرضوخ لضغوط أطفالهم أكثر مما كان لدى الأوربيين. وفي الولايات المتحدة أيضًا نجد أن جماعات الأقران كان أقوى منها في أوربا. فمعظم الأوربيين لا يسمحون لأطفالهم بالاحتكاك بذويهم بنفس الدرجة في أمريكا. وخلال عمليات الاحتكاك وجدنا أن مجتمعات الأقران في أمريكا قد اكتسبت قيمًا ومبادئ واضحة ومحددة وقدرة على تدعيم العلاقات بين أعضاء المجموعة الواحدة بل وإجبار الأعضاء على الولاء للجماعة. ولم تستطع الأسرة في أمريكا أن تقف أمام الضغوط التي تمارسها جماعات الأقران على الطفل حيث ينصاع الطفل لأوامر الجماعة بصورة كبيرة. ويحتمل أن يكون تغيير وجهة الثقافة الأمريكية خلال فترة معينة، وكذلك الاختلاف بين الثقافة الأمريكية والثقافة الأوربية، ربما يكون راجعًا في جزء منه إلى الدور المتزايد الذي تلعبه جماعات الأقران في أمريكا وقوة هذا الدور عنه في أوربا:
وفي أوربا الغربية وكندا يعتبرون انضمام الطفل لإحدى جماعات الأقران كثورة من قبل الطفل على قيم ومبادئ الراشدين. ومجتمعات أخرى تستخدم جماعات الأقران في غرس القيم والمبادئ التي يعتنقها الكبار. وفي إحدى الدراسات التحليلية عن تربية الأطفال في الاتحاد السوفيتي لاحظ برنفبرنر Bronfenbrenner أنه -وبالذات في المدارس- تعتبر جماعة الأقران نبعًا أساسيًا للقيم والتنظيم. فمثلًا إذا تولى مجموعة من الراشدين جماعة من الأطفال فإنهم يوضحون لهم السلوك الذي يستحقون عليه المكافأة ويقدمون هذه المكافأة من خلال الجماعة نفسها وبمجهود جماعي. وفي المدرسة نجد أن الأطفال الذين يكونون صفًا