لكون تعلم المحاولة والخطأ مضيعة للوقت والجهد وأن ثمرته آخر الأمر أبعد من أن تكون مرضية. والتعليم المباشر هدفه تعريف الصغير بما هو خير أو صواب، ثم دفعه لأن يتصرف على النحو الذي يتوقعه منه المجتمع. وإذا ما صاحب هذا التلقين لون إيجابي من التعويد أو التأديب ليستخدم بثبات يصبح السلوك الخلقي اعتياديًا أي عندما يقترن الثواب والاستحسان الاجتماعي والثناء بالسلوك المرغوب منه اجتماعيًا، يكون تعلم السلوك الأخلاقي أسرع وأيسر. "كمال دسوقي، ١٩٧٩، ٣١٥" وإذا قارنا هذه العملية بقدرة الطفل على تعميم الخبرة وانتقال أثر التدريب، فإنه يستطيع أن يحدد استجابته للمواقف المختلفة طبقًا للتشابه بين المثيرات. بمعنى أن الطفل يتم تعليمه أنماطًا معينة من السلوك يقوم بها على أساس أنها مقبولة اجتماعيًا فيتم تعزيزه فيستمر أداؤها عبر الزمان وفي مواقف مختلفة، وإذا كان السلوك غير مقبول اجتماعيًا فإنه بالطبع سيتم عقابه بأي صورة من صور العقاب مع اعتبار شروط فعاليته كوسيلة ومن ثم فإن يختفي. أي أن الموقف يدور حول الإرادة الخارجية للسلوك والرغبة الداخلية في الحصول على الثواب، وتجنب العقاب، ويتكون لدى الطفل نوع من القلق التوقعي يساعد على الكف المبدئي للسلوك المشين "محمد رفقي، ١٩٨٣، ١٨". وهكذا يستطيع أن يواجه المواقف المختلفة من خلال تعرفه على التشابهات المختلفة في الموقف مع المواقف السابقة ويتصرف تبعًا للقيم والمعايير التي تسود المجتمع، أما في المواقف التي تختلف عن المواقف السابقة فلن يتصرف فيها إلا وفقًا لظروف خاصة. ومن الضروري هنا أن تكون المعايير والمقتفات التي يتعلمها الطفل في البيت والمدرسة ومن جماعة اللعب والأقران ثابتة حتى لا يختلط عليه الأمر مما يسهل له تنمية مفاهيم مجردة عن الخير والشر، والصواب والخطأ. وفي تعلم السلوك الخلقي بالتقمص يأخذ الصغير قيم شخص آخر ويشكل سلوكه هو وفقًا لسلوك ذلك الشخص، وهو يفعل ذلك لا شعوريًا بالقياس إلى التقليد الشعوري الذي يحاول به عمدًا أن يكون مثل شخص آخر. فالصغير يتعلم فعل ما يفعله أحد الكبار، وكذلك ما يطلب إليه الكبير أن يفعله. وحين يتقمص الصغير شخصًا هو معجب به، من غير أي ضغط أو تعليم مباشر فهو يحاكي أنماط السلوك التي يلاحظها