للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفس إلى شقين متنازعينن، أحدهما يؤمن بالله المهيمن الخالق، والآخر يؤمن بالطبيعة، التي هي في زعمهم، مصدر الطاقات، والقوى، والقوانين.

تلك هي الفلسفة التي تسود معظم مدارس الأقطار الإسلامية اليوم، من غير أن نشعر، فترى أستاذ الطبيعية أو الجغرافية مثلا إذا سأله طالب عن حكمه الخالق في أمر من أمور العلم الذي يقرره يحوله إلى أستاذ الدين بدعوى أنه لا علاقة له بالأمور الدينية، ويتكرر مثل هذا الموقف، فيعتقد الناشئ أن معاني العقيدة، والتصور الإسلامي للكون لا علاقة لها بالعلوم الكونية، أو الجغرافية أو حتى التاريخية، وأن مكانها هو كتب الدين فقط، وزمانها هو دروس التوحيد، والفقه والحديث، والقرآن والتفسير، وربما ظن أن هذه العلوم الإسلامية لا تفسر وقائع الكون بنفس الوضوح الذي تفسره دروس العلوم، والجغرافيا "تفسيرًا قاصرا على القوانين الوضعية الطبيعية دون نسبتها إلى تنظيم الخالق، وتربيته لسنن الكون وقواه".

إن هذه الفلسفة التي تفصل الدين عن الدولة "في المجتمع الواحد"، والروح عن الجسد في الكائن الواحد، والعلم عن الأخلاق في الكيان الإنساني الواحد، والعقل عن الوجدان، لهي فلسفة مبلبلة تدع الناشئ حيران لا كيان له، ولا يقين عنده ولا ثقة له بشيء، بل تعلمه النفاق والتلون، وانتحال شخصيات متناقضة متعددة.

وعلاج هذه المشكلة، كعلاج سابقتها يقوم على إعادة تأليف مناهج، وكتب لسائر المعارف، والعلوم من منطلق إسلامي، ولكن بشرط القيام بدورات تربوية إسلامية تدرب المعلمين، والمدرسين على تحقيق هذه المنطلق في جميع جوانب التربية، والتعليم المدرسي١ ...

*- وثنية الشهادات، والامتحانات، وجعلها غاية في ذاتها:

كانت "الإجازة العلمية" قديما عند أسلافنا شهادة من عالم جليل، يشهد بها لأحد طلابه بالقدرة على تدريس كتاب معين، ويسمح له بذلك، ويكتب ما يفيد هذا


١ هذه الفقرة والفقرتان د وهـ من يجيش للمؤلف أحدهما بعنوان "من حصاد التربية الحديثة في بلادنا" ٢/ ٨٣، والآخر بعنوان "نقد التربية الحديثة" ص٨٠ من كتاب "التربية وطرق التدريس"، للمؤلفين عبد الرحمن نحلاوي، عبد الكريم عثمان، محمد خير عرقسوسي ط الكليات والمعاهد بالرياض ١٣٩٢هـ.

<<  <   >  >>