مواد منفصلة، فلكل علم حلقاته وعلماؤه، ولكل كتاب اختصاص في علم معين، والطالب الذي يريد دراسة عدة علوم كان عليه أن يرتاد عدة حلقات، قد يبدو هذا للوهلة الأولى.
ولو تعمقنا في فهم تلك الكتب، وما كان يدرس في تلك الحلقات لوجدنا أن أي علم من العلوم الإسلامية، في ذلك الوقت كان ذا صلة وثيقة بالعلوم الأخرى، والكتب الإسلامية التي كانت تدرس ما زالت شاهدا على ذلك.
فالتفسير مملوء بالإعرابات النحوية، والإعلانات الصرفية، وتفسير الجلالين فيه مئات من هذه الإعرابات والإعلالات، مع أنه من أصغر التفاسير حجمًا، وكتب النحو: جل شواهدها من القرآن والحديث، والشعر الجاهلي أو الإسلامي الأول، وشراحها يفسرون تلك الشواهد أو يعزونها إلى قائلها، فيبحثون جانبا من علم التفسير، ومن علم الحديث، ومن الأدب العربي.
وكتب الفقه والأصول لها اعتماد كبير على المفاهيم اللغوية، كالباء في آية التيمم:{بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}[المائدة: ٥/ ٦] ، والعطف الذي بعدها، وقد ألف ابن تيمية من أجل الحفاظ على العقيدة رسالة في البلاغة "في المجاز والحقيقة"، والتاريخ آخذ بأدلة من القرآن، وقل مثل هذا في جميع العلوم.
فانفصال المواد الدراسية، على إطلاقه، ليس من طبيعة الثقافة الإسلامية، ولا من شأن التربية الإسلامية، التي تأخذ بالإسلام كلا لا يتجزأ، وتعتبر كل العلوم التي انبثقت عنه ما تزال وظيفتها توضيح الشريعة الإسلامية، والحفاظ عليها، فلا بد من ربط كل هذه العلوم بهدف التربية الإسلامية، كما رأينا في الكلام عن شروط المنهج الإسلامي وصفاته.
ج- المنهج المترابط أم المحوري؟
إن هذين الشكلين لا تنافي بينهما، فكل منهج منهجي محوري يجب أن يكون كل مواده مترابطة فيما بينها، ومرتبطة بمحور معين.
وإذا كان "هدف التربية الإسلامية" هو المحور الذي يشد إليه كل موادها، وسائر المواد الأخرى، وإليه تتجه كل أهداف النمو اللغوي، والاجتماعي والفكري، وبه