للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينظرون إليه "وقد طالبهم مسبقا بالانتباه ليرى أيهم سيكون أشد تقليدا لوضوئه، أو وصفا له"، ثم يطلب منهم أن يتوضئوا مثل وضوئه، أو يصفوا جميع حركاته، وفي هذا اقتداء بأسلوب من أساليب التربية الإسلامية، نقل إلينا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوجيه منه.

٣- الطريقة العملية للاستحفاظ:

أما الأدعية الضرورية وآيات القرآن، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها للصحابة تعليما عمليا، فيرددها الصحابي أمام الرسول، بطريقة الترديد والتسميع بقصد التصحيح، وفي ذلك ورد حديث في تعليم كلمات تقال قبل النوم: عن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيت لمضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: "اللهم إني إسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت"، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما

تتكلم به"، قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: "ورسولك" قال: "لا، ونبيك الذي أرسلت" ١.

وأما تعليم القرآن، فقد أشار إليه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله في حديث تعليم الاستخارة: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول لهم: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: "اللهم إني أستخيرك بعلمك ... الحديث"٢.

والشاهد قول جابر: "كما يعلمنا السورة من القرآن"، فدل على أن التعليم القرآن أسلوبا نبويا خاصًّا، ولم أقف على تفاصيل عملية لهذا الأسلوب، ولكن بعض علماء القرآن والقراءات حاولوا، وإليك صورة من هذه المحاولة: قال الإمام جلال الدين السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن "النوع الرابع والثلاثون في كيفية تحمله"، أي القرآن ٣: اعلم أن حفظ القرآن فرض عين على الأمة، والمعنى فيه ألا


١ رواه البخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، الترغيب والترهيب، ١/ ١٧٧، ط عيسى البابي الحلبي.
٢ رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، الترغيب والترهيب ١/ ٢١١.
٣ الإتقان في علوم القرآن، الإمام جلال الدين السيوطي، ١/ ١٧١، ط مكتبة محمد توفيق ١٩٤١ بالقاهرة.

<<  <   >  >>