للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيه أوضح دليل على عظمة منهج الإسلام التربوي حين يقيمه الإسلام على أساس عبادة الله بمعناها الواسع الشامل، وعلى أساس الصلة الدائمة بالله، لا على أساس الأمور الوضعية البشرية، والاعتبارات الأرضية الدنيوية.

٦- والتربية على أساس العبادة تزود الإنسان دائما بشحنات متتالية من القوة المستمدة من قوة الله، والثقة بالنفس المستمدة من الثقة بالله، والأمل بالمستقبل، المستمد من الأمل بنصر الله وثواب الجنة، والوعي والنور المستمد من نور الله.

هذه الشحنات التي تدفع المسلم دائما إلى الإمام، وتهبه القدرة المستمرة على الدأب والجهد، وتقديم كل طاقاته حية منتجة، واعية مستمرة.

والإسلام يحرص حرصا شديدا على استمرار هذه الشحنة الحية التي تعبئ القلب، وتنير له الطريق في أصعب الظروف وأحلكها، فينهض من كونه كلما تعثر، ويستنير بنور العبادة والصلة بالله كلما أظلم ما حوله، حتى يقصد عبادة الله في كل أعماله، ومعاملاته وقضاء مآربه.

والإسلام صريح في اعتبار العمل هو العبادة، ما دام القلب يتجه فيه إلى الله: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون} [البقرة: ٢/ ١٧٧] .

هذا هو منهج العبادة الذي يرسمه الإسلام، ويقيم عليه أسلوبه ومنهجه التربوي مشترطا فيه الصدق مع الله، والتقوى لله، أي الصلة الدائمة بالله١.

٧- ثم إن تربية المسلم بالعبادة تجدد نفسه باستمرار، لا بما تمنحه العبادة من شحنات من النور، والقوة والعاطفة، والأمل فحسب.

بل بالتوبة التي تزيل عن قلبه، وتصوراته ما قد يعلق بهما من أدناس، وتمحو من جوارجه أثر ما قد يكسب من آثام أو أخطاء.


١ هذه الفقرة مستمدة من كتاب منهج التربية الإسلامية، محمد قطب ٤١-٤٢.

<<  <   >  >>