من ذلك تعرف أن أركان الإيمان سلسلة لا ينفك بعضها عن بعض، ولا تصلح حلقة منها دون سائر الحلقات، وأنها كل لا يتجزأ ولا يجوز إنكار أي جزء منها.
فتعال نستوضح كل ركن من أركان الإيمان، فنتبين أهميته التربوية بالنسبة إلى بحثنا، بعد أن تبينا ضرورة الإيمان، من أجل تربية جيل سليم صحيح، ومجتمع قوي متين.
١- الإيمان بالله:
يخطي من يعتقد أن مجرد التسليم أو الاعتقاد بوجود الله، وبكونه خالقا لهذا الكون، عقيدة كافية تنجي صاحبها من عذاب الله، فقد كان كفار قريش يسلمون بهذا، ومع ذلك اعتبرهم الله جل جلاله منصرفين عن إجابة الدعوة الإسلامية فقال منكرا انصرافهم بعد أن ذكر اعترافهم بأن الله خلق السموات والأرض:{فَأَنَّى يُؤْفَكُون}[العنكبوت: ٢٩/ ٦١] ، ومواضع أخرى من القرآن، أي كيف يصرفون عن الإيمان بتوحيد الله؟
فالإيمان الصحيح بالله تعالى يجب أن يشتمل على ثلاثة معان، أو عناصر أساسية:
أولها: معرفة معنى الإله، ذلك المعنى الذي أبى المشركون أن ينسبوه الله وحده، وينفوه عن معبوداتهم الأخرى.
العنصر الثاني: إثبات معنى الألوهية لله عز وجل.
العنصر الثالث: نفي معنى الألوهية عن كل كائن سوى الله.
معنى الألوهية ١:
جميع الأديان التي وصلت إلينا، عدا الإسلام، كان تصورها عن الألوهية إما خاطئا، وإما ناقصا، وإما ملوثا بالتشبيه والتجسيد، والتناسل.
والكتاب الوحيد الذي صحح هذه التصورات الخاطئة وكملها، عن الألوهية، إنما هو "القرآن"، وخلاصة ما جاء في القرآن عن معنى الألوهية "أنه لا يجوز أن يكون الإله إلا من يكون صمدا، حيا، قيوما، لم يلد ولم يولد، ويكون من الأزل، فليس
١ الحضارة الإسلامية: أبو الأعلى المودودي، ص١٣٧-١٣٩، دار العربية - بيروت.