مما نرى وما لا نرى من السموات، والكرسي والعرش والملائكة، كل ذلك من ملك الله، وكل كائن صغير أو كبير يسبح بحمد الله ويشهد بعظمته، وقد أمرنا القرآن أن نتأمل ذلك كله، نتأمل خلق السموات، والأرض، والبحار، والأنهار، والإبل والدواب، والنحل، ويبين لنا أنه ما من شيء إلا يعلمه الله، من أصغر ذرة إلى أكبر جرم، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}[الأنعام: ٦/ ٥٩] .
هـ- كما تربى عند الإنسان التواضع وعدم التطرف، أو الغرور بأي صفة من صفاته الإنسانية، فإذا اغتر بقوته وأراد البطش، أو الظلم ذكر قدرته الله عليه، وأنه هو الذي يحيى ويميت، وإذا اغتر بماله وأسرف واستهتر، وبطر وتكبر ذكر أن الله هو الغني، وهو الذي وهبه المال، فعاد إلى السخاء، والبذل والتضحية، والتودد إلى عباد الله.
وإذا اغتر بعلمه فظن أنه بلغ الكمال، نظر إلى الكون الكبير الذي هو جزء صغير من علم الله، فانقلب بصره خاسئا وهو حسير، وعاد إلى نفسه صاغرًا متواضعا يطلب المزيد من المعرفة، بروية وصبر وأناة، وتدبر وتفكر، ودأب واستمرار، وقس على هذا كل ما وهب الله الإنسان.
و وبالتوحيد وإفراد الله بكل صفات الألوهية يبتعد الإنسان عن التعلل بالآمال الكاذبة، فلا تنفع عند الله شفاعة الشافعين، إلا لمن يأذن الله ويرضى، وما من أحد يفيده قربه من الله، إلا عن طريق العمل الصالح، فليس لله قرابة رحم، ولا صلة أبوة، ولا صحة سابقة لأحد من العالمين، الكل عباد الله، والكل محاسبون، مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير، وإن شر فشر.
ز- ويتسلح الإنسان، إذا آمن بالله حق الإيمان، بالطمأنينة، والرجاء مع السعي وعد التواكل.
فهو مطمئن بعد أن عرف أن الله قريب، يجيب دعوة الداعين، ويتوب على التائبين، وينصف المظلومين، وقد وسعت رحمته كل شيء.