فشبه الله النفس الموحدة لربها، بالعبد الذي يملكه رجل واحد، فجيمع تصرفات هذا العبد تأتي حسب رغبة سيده، وبهذا تهدأ نفسه، وتستقيم حياته، وتنسجم تصرفاته وفق نظام معين، وعلى نسق واحد.
أما العبد الذي يمكله عدة شركاء متشاكسين، لا يؤمن أن يتصرف اليوم على نمط يعاكس تصرفاته بالأمس، وتبقى نفسه نهبأ للمخاوف والهواجس.
كذل المشرك الذي يعلم بفطرته عظمة الله، ويشرك مع الله آلهة آخرى، فتراه تارة ينافق للناس، وتارة يتخذ إلهه هواه، وتارة يستعبده المال، وتارة يتعلق بالحياة، فينخلع قلبه من الموت أو المرض، وهو في كل ذلك قلق، لا يطمئن على نفسه ولا على ماله، ولا على شيء من ملذاته؛ لأنه لا يؤمن بمصير معين، ولا يخضع لإله واحد، بيده كل شيء، وهو على كل شيء قدير.
ولتحقيق هذا الأثر التربوي العظيم، يجب على المربي أن يربط كل جوانب التربية بتوحيد الله، وبصفات الألوهية التي أشرنا إليها.
فدراسة الكون، أو ما يسمونه بالطبيعة، يجب أن يكون هدفها استحضار عظمة الله الخالق المالك للكون، الحي القيوم الذي يقوم بكل شئون الكون، وأفلاكه ونظامه وسيره، ودورانه.
وعند دراسة اللغة يستحضر عظمة الله في جعل الإنسان خصيما مبينا، ويبين أن العبد محاسب على هذه المقدرة اللغوية، وفيم يجب أن يستخدمها.
وهكذا يفعل المربي، لدى دراسة التاريخ والجغرافيا وسائر المواد الاجتماعية، وقد أوضح واضعو منهج الدراسة الثانوية في المملكة العربية السعودية أهداف هذه المواد على ضوء هذا المعنى الذي يوحد الأمة الإسلامية تحت لواء الألوهية والتوحيد.
د- وتربي عقيدة التوحيد والإيمان بالله، عقل الإنسان على سعة النظر، وحب الاطلاع على أسرار الكون، والطموح إلى معرفة ما وراء الحس، فكل ما في الكون