الآثار التربوية والمعنوية لعقيدة التوحيد، والإيمان بالله:
تنظيم عقيدة التوحيد حياة الإنسان النفسية، وتوحد نوازعه، وتفكيره وأهدافه، وتجعل كل عواطفه، وسلوكه، وعاداته، قوى متضافرة، متعاونة ترمي كلها إلى تحقيق هدف واحد هو الخضوع لله وحده، والشعور بألوهيته، وحاكميته ورحمته، وعلمه لما في النفوس، وقدرته، وسائر صفاته.
وكل صفة أساسية من صفات الألوهية، يقابلها في النفس الإنسانية جانب من جوانب الحياة النفسية، فلا سعادة للنفس ولا استقامة، ولا انضباط إلا إذا ارتبط كل جانب من جوانبها بما بناسبه من معاني الألوهية.
أ- لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر:
ميل الإنسان الفطري إلى الرفاهية وحب البقاء، والعمل للحياة الدنيا، يقابله من ناحية الترغيب، الأمل في رحمة الله وجنته، ومن ناحية الضبط ومنع الشطط يقابلها الشعور بأبدية الله وتفرده بالبقاء، وفناء هذه الحياة الدنيا.
فترى المؤمن يعمل من جهة، بجد وأمل وتفاؤل، في هذه الحياة؛ لأنها مزرعة الآخرة، ومن جهة أخرى يبقى حذرًا من الموت لا يغتر، ولا يغفل عن ترقب المفاجآت والمصائب، فإذا وقعت لم تفت في عضده، فهو ينتظر لقاء ربه، فهو جريء لا يهاب أحدًا إلا الله.
ب- وخذ مثالًا آخر: طمع الإنسان وحبه للمال:
فترى المؤمن يستخدم المال وهو يعلم أنه مال الله، وأن كل ما في ملكوت الكون ملك لله، هو مالك كل شيء، وهو راهب الرزق لمن يشاء، فالمؤمن يثمر المال، ولكن المال لا يستعبد قلبه، فإذا احتاجت الأمة ماله لمصلحة عامة بذله بسخاء، وهو يعلم أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وقس على ذلك حب الإنسان للزعامة وشهوته للنساء، وميله وحنوه على الأولاد، وغيره وغيره من جوانب الحياة النفسية.
فالمؤمن الموحد يمتاز بعزة النفس، لا يستعبده جاه ولا مال، ولا بذل لأحد من الطواغيت.
ج- وقد ضرب الله لنا مثلًا في القرآن يبين فضل عقيدة التوحيد في تحقيق وحدة النفس الإنسانية.